كيف السبيل للخلاص من التحديات والمخاطر التي تواجه الوجود البشري؟

نظرًا للحروب والمآسي التي يعيشها العالم والفتن التي عجز الجميع عن إخمادها، ونظرًا للظلم والجور والفساد، الذي يهدد الكائن البشري بالعقاب الرباني والانقراض، وبسبب التحديات التي تحيط بالكرة الأرضية نتيجة فعل الإنسان وتعامله الخاطئ مع الطبيعة والكون، وبسبب التهديدات البيولوجية والنووية من خلال الأسلحة وتفاعلاتها، وبسبب التنافس المحموم على زعامة العالم، من قبل الدول الكبرى، والتي يتخوف كثيرون من أن تنشب حروب بالأسلحة المحرمة بينها، بسبب كل هذه التهديات التي تواجه الكون والبشرية، فإن كثيرين في هذا العالم بدأوا يفكرون بجدية في مواجهة كل هذه التحديات وإزالتها والخلاص منها، وتحقيق السلام والوئام والأمن والاستقرار في العالم كله من خلال تسوية كل المشكلات وإنهاء بؤر الصراع ومسبباتها، وتوحيد العالم تحت نظام عالمي واحد متعدد الأقطاب، بمرجعية ثقافية وفكرية صحيحة مستندة إلى تعاليم الله، تقيم العدل وتنشر الخير والصلاح والرحمة والمحبة، في سائر المعمورة، من أجل حياة طبيعة ومفيدة ومثمرة للكائن البشري، وسائر الكائنات الأخرى.

عدد من الدول في العالم تدرس الكثير من المشاريع التي تصب في هذا الاتجاه، وأيضًا مراكز البحث والدراسات في الغرب وفي الصين وروسيا وغيرها، لديهم إسهامات وإن كانت غير مكتملة، إلا أنها جديرة بالاهتمام والبناء عليها وتطويرها، وبالتالي فإن التنافس السلبي العالمي اليوم بين الدول والحضارات، أصبح من أكبر المحفزات على حدوث الصراع أو الصدام الكوني المهدد لكوكب الأرض البسيط ومن فيه، لذا قد تصبح فكرة تحقيق الوحدة العالمية بين الأمم والحضارات والشعوب، فكرة ملهمة، إذ إنها تعيد الجميع للأصل الأول للكائن البشري الذي عاش تحت سقف أمة واحدة وحضارة واحدة ومرجعية ثقافية واحدة، قبل أن يصبح الناس أممًا وشعوبًا وقبائل، وهذا لا يلغي أهمية وجود التعدد والاختلاف، ولكن في حدود ما هو إيجابي وغير ضار، ولا يتصادم مع حركة وثورة التطور العلمي والتكنلوجي، وهذا ما تشي به الآن حالة المخاض التي تعتمل في الكون كله، وفق قوانين ومسببات وابتلاءات سماوية ربانية عظيمة، ستفضي في الأخير إلى زوال الشر وانتصار وثبات الخير.

إذن، من هنا يمكن القول إن العالم يبحث الآن عن المخلص للخلاص من التحديات والمخاطر، بكل جدية واهتمام، في الوقت الذي نرى البعض في دولنا العربية يسعى إلى الفرقة والشتات والتمزيق، بسبب أخطاء سياسية لم تعالج بصورة حقيقية ومرضية وعادلة، أو بسبب طموحات داخلية وخارجية سلبية ومضرة، تفتقر للأفق، وللإيمان بالتعايش والقبول بالآخر، وغياب القدرة على معالجة الأخطاء والأزمات التي صنعتها أو شاركت فيها، وبالتالي نجدها تغرق تمامًا في الأنانية والرومانسية، التي تفتقر للمشروع الطبيعي والحقيقي والجامع، والذي يهتم بمعيشة الإنسان وتوفير وسائل الحياة الضرورية له، وبدلًا من الضرر البسيط الذي يمكن معالجته بالفكر والعمل السديد والصدق والإخلاص، نجدها توسع الضرر، فيتسع الخرق على الراقع، ويغرق الجميع في متاهات لا حدود لها، بفعل طموحات أشخاص أو جماعات بسيطة، أو بفعل حالة انتقام شيطانية مدمرة.

إن العمل مع الله والناس من أجل خير الجميع على هذه الأرض، هو الثابت والمنتصر ، مهما حورب أو أعيق، فالله جل جلاله يقول: فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
لذا، فان الإيمان بالله ورسله وأنبيائه وكتبه، هو الطريق الوحيد لخلاص البشرية من الأخطار والتحديات التي تواجهها وتهدد وجودها، وهو الشرط الوحيد للصلاح ووراثة الأرض وإعمارها، بمقتضى قوله تعالى: "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون".