سعد بن حبريش.. الراحل الذي لم نقدر تضحياته بعد

جميع الحضارم، وعلى مختلف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية، متفقون على أن المغدور به الشهيد سعد بن حبريش، هو الملهم الأول لهم في الوقت الحالي، وهو صاحب السبق في إخلاصه وحبه لحضرموت. نقولها للأمانة أنه الوحيد من جهر بصوته عاليًا في رفع الظلم وإعطاء الحضارم حقوقهم كاملة غير منقوصة، وفي سبيل ذلك قدم روحه رخيصة.

وهنا أرى أنه لا بد لنا من إعطائك شيئًا مما صرنا عليه من بعدك، ولن أطيل أكثر، بل إني أحدثك على عجل بما حل بنا بعد رحليك، وقبل كل شيء سأعترف لك بشيء مهم من وجهة نظري، وهو أننا أقوام بشرية كبيرة لسنا بعد في مستوى الفداء والتضحية التي اجترحتها، فكنت نعم المضحي والفادي لتراب هذه الأرض وسكانها.

فكل من بعدك تغير تغيرًا لا يتوقعه عقل إنسان.
اليوم لدينا من المكونات السياسية أعداد كبيرة، فلا تخلو بقعة من أرض حضرموت إلا وبها قواعد وأنصار لهذه المكونات، وهي في حقيقة الأمر مكونات لا تسمن ولا تغني من جوع، هلامية فضفاضة ركيكة الأداء، أقولها بكل بتوجع مكونات كرتونية مأجورة قياداتها مسيرة بالريموت كنترول.
وعلى كثرتها فلم تلبِّ حتى الحد الأدنى من حقوق حضرموت التي تتظاهر بأنها ستأتي بها ولا ندري متى ستأتي بها.

الحضارم اليوم صاروا في أسوأ حالاتهم، وتراكمت عليهم أشياء لم يستطيعوا مقاومتهم لها، والسبب ما قلناه سابقًا، وهو تفرقهم وظهور هذه المكونات غير المخلصة إلا لأسيادها ومن يرفدهم بالدعم لاستمرار التفرق والشتات الحضرمي.

حضرموت وأهلها من بعدك في خبر كان، ولا نرى ظهور من يهتم بها إلا من خلال الكلام، والكلام يظل كلامًا إن لم تتبعه الأفعال، ألم يقل الشاعر الكبير الراحل حسين أبو بكر المحضار:
"القول ما هو الفعل فعلك دلنا وينه"
فمن نسمع كلامهم الكثير لم نرَ لهم شيئًا من الأفعال التي تبين صدقية كلامهم.

أكبر متشائم في هذا الظرف الذي نمر به، لم يتوقع أن حال الحضارم سيصبح حالًا يرثي له العدو قبل الصديق، وهي محافظة غنية بثرواتها المتنوعة.

لا ننكر وجود بعض المخلصين والخيرين في حضرموت ممن هم مستعدون لتقديم أرواحهم فداء لهذه الأرض، لكنهم على قلتهم انصدموا بسياج منيع حال دون ظهورهم وفرض ما يبتغيه عموم الحضارم، وهو استعادة الحقوق كاملة، فضاع هؤلاء المخلصون في زحمة اللامخلصين، وضاعت أصواتهم مع كثرة هذه المكونات غير المجدية بوجودها الذي صار غير نافع.

وما بقي من قول هو اعترافنا الصريح بأنك رسمت الخطوط العريضة، وأنرت الطريق أمامنا، ولكننا للأسف الشديد لم نتبع شيئًا مما وضعته لنا، وأضعنا الطريق الظاهر المعالم، فضعنا جميعًا.

عليك الرحمة أبا قحطان، وندعو الله أن يبدل حالنا للأحسن، وأن يبعث من تراب هذه الأرض من يمتلك الجرأة والإقدام ولو بنسبة واحد بالمائة مما لديك، إنه السميع المجيب.