«المعتصمين واللَّي هدروا للصحف».. هراوة الشيخ تطارد الرعية في صنعاء

«المعتصمين واللَّي هدروا للصحف».. هراوة الشيخ تطارد الرعية في صنعاء - هلال الجمرة

يتّبع الشيخ محمد أحمد منصور سياسة أشبه ما تكون بسياسة التنكيل التي ينتهجها أي ديكتاتور من العالم الثالث ضد أسر وأقارب معارضيه في الخارج، بل وملاحقتهم خارج حدود دولته. الاسبوع الماضي، عرضت صحف عدة الحالة المأساوية التي يعانيها نازحو عزلة "العنسيين" منطقة الجعاشن إلى صنعاء، على إثرها، قدم رجالات الشيخ عروضاً انتهاكية مخيفة، خصَّت، هذه المرة، أسر الذين وردت أسماؤهم في الصحف. غير أن الشيخ لم يكتف بذلك فأرسل أتباعه إلى صنعاء لمطاردة من حرضوا هؤلاء على عصيانه، وإلقاء القبض عليهم وتأديبهم.
ذهب الخوف من قلوبهم، فالتهديدات التي يصدرها لم تعد ترعبهم، بل تزيدهم حماساً وتشعرهم بأن الحل قد اقترب.
بعد لحظات من سماع الشيخ أحد المقربين إليه وهو يقرأ ما أدلى به عبدالله عبده شرف 55 عاماً في إحدى الصحف، أخذ رجاله بتنفيذ مهمتهم ويقول إنهم «شلو كل المواشي حقي وذبحوا منها ما ذبحوا»، وطالبوا أولاده بدفع 24 ألف ريال كفدية لما تبقى من المواشي.
وبينما كان يحاول تصوير المشهد بطريقة أكثر وضوحاً، قاطعه سعيد حمود الإبي 64 عاماً بسخط: «إسمع اشتي اشكي له من أولادي السبعة الذي يهددوهم كل يوم»، فجميع اسرته نزحوا إلى صنعاء عدا 7 من أبنائه وقد طلب منهم البقاء لحماية الأبقار وعدم ترك الدراسة. إلا أنها «سارت وذلحين عندهم (رجال الشيخ)».
النازحون جميعهم يكنون له كل احترام ويتأملون إعاقته جراء إصابته بطلقات المحتلين البريطانيين بإجلال، لكنه يعاني «آلام الشيخ أكثر من آلام الرصاص»، ويتغنى الرجل بثوريته قائلاً: «أنا أحد مناضلي الثورة وآخذ مكافئة شهرية من الدولة».
أما الشاب المتحمس للقضية نبيل محمد أسعد 25 سنة، والذي كان أحد رجالات الشيخ ومطيعيه، فقد رفض طلب والده بالرجوع إلى القرية، وعدم الخوض في صراع مع الشيخ قائلاً: «قلِّي أبي: ارجع يا ابني ما شيضرني الا أنا». وقُلك له: والله ما أرجع لو يخذفوا بالقراش حقك من رأس الحيد»، مضيفاً أنه لن يعود إلا بعد أن يرفع عنهم الظلم.
وبالرغم من خوف والده إلا أنه أستطاع حماية أبقاره، ويقول نبيل: «بعدما ابصر الشيخ صورتي في الجريدة ساروا يهددوا ابي ويشتوا يشلوا البقر حقه وهو قال لهم ما اعرفه ولا هو ابني وهو متهرب عليَّ من قبل 4 سنين». لكنه اتصل خائفاً يحذر ابنه الذي يرى أنه «طائش» وبلا عقل: «لا تهدر على الشيخ» فيرد معانداً: «والله إني شهدر وما شنجلس عبيد له، وبعد قال لي: خلاص لا تحضرش البلاد على أساس أخارج القراش من الخبرة».
هناك ستة آخرون اعتبروهم محرضون هم: «مقبل عبدالله محمد، عبده علي ناجي الجعشني، فيصل أحمد غالب، هاشم حمود عبدالله، فيصل عبدالله أحمد صالح، فؤاد أحمد عبدالله»، صباح الأحد الماضي، كان مقبل عبدالله 30 عاماً مهددا بالقبض عليه من جنود الشيخ الذي أرسلهم يقول: «بلغ بنا أمين فيصل النائب حقه الذي في اللحيَّة إلى عند خالد الجابري أنه يحضر هذه المجموعة المتمردة»، مضيفاً أن سبب اختيارهم هو «لأننا علمناالرعية يشردوا من البلاد وأننا مخربون ونحن في حزب آخر». يسند حديثه بيمين: «والله اننا في حزب المؤتمر» ويدخل يده إلى جيبه قائلاً: «وهذه بطاقتي».
عبده الجعشني وهو في الترتيب الثاني من قائمة المطلوبين من الشيخ قال: «ولد خالي بلغني لا تخرجش الشارع لأنك مراقب ويقولوا إنك معلم لهم وتدي لهم مصاريف». في حين ينظر هاشم حمود عبدالله إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية أخف مما يمارسه الشيخ ورجاله قائلاً: «يزفروا بنا عند اسرائيل أهون من الشيخ محمد أحمد منصور».
هذا وقد علَّق النازحون قائمة سوداء شملت أسماء المستعبدين في قطاع الجعاشن ابتدأت بالآية القرآنية «إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبعون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم»، تليها «القائمة السوداء في قطاع الجعاشن» وعلى رأسهم «محمد أحمد منصور» يليه 27 من أتباعه أو من زمرته أو حاشيته، حد قولهم، أولهم أمين فيصل بن حسين وتنتهي بـ«محمد محمد بن علي حليان»، وقد وصفهم هؤلاء بأنهم من «يعيثون في الأرض فساداً».
فمنذ انتقالهم إلى العاصمة يواصل النازحون احتجاجاتهم التي أعلنوها مطلع الاسبوع الفائت، متخذين من ساحة مبنى منتدى الإعلاميات اليمنيات ملجأً لهم ومأوى. وبدأوا أولى اعتصاماتهم بداية الشهر الجاري من أمام مبنى البرلمان مروراً بوزارة الإدارة المحلية، التي التزم لهم وزيرها بتشكيل لجنه للنظر في مشاكلهم وإيجاد الحلول لها.
بعد إسبوع من انتظارهم للجنة التي وعدهم بها عبدالقادر هلال رفعوا رسالة تظلم إليه من ثلاث صفحات ممهورة ببصماتهم عليها بالدم.
وسردت الرسالة بعضاً من تظلماتهم التي يقولون بأنها «نقطة من بحر» وملخصة في 8 نقاط منها: «ضرب المواطنين ونشر الرعب في قلوبهم وترويع نسائهم وأطفالهم وبيع ما يملكونه من أرض وزرع الفتن بين المواطنين بواسطة مليشياته وتسلطه على المياه والمشاريع الأخرى وفرض مبالغ زكاة تصل إلى 70 ألف ريال وكلها لصالحه..».
وطالبوا في رسالتهم وزارة الإدارة المحلية بتشكيل لجان للنزول إلى المنطقة لتقصي الحقائق في قضاياهم و«بسط نفوذها في المنطقة بدلاً من نفوذ الشيخ. وإحالته إلى النيابة مع عدوله واعوانه للتحقيق معهم وتسليم ما علينا من زكاة الأثمار إلى خزينة الدولة مباشرة وإلزام الشيخ بعدم ملاحقة المواطنين وإيذائهم «وفك الحصار عن أهلينا وذوينا وباقي العزل المفروضة من قبل الشيخ حتى الآن». آملين أخذ قضيتهم بعين الرأفة والرحمة، منتظرين أن ينعموا بأهداف الثورة والجمهورية وبدولة النظام والقانون على يد وزير الإدارة المحلية.
halajamrhMail