قيود "حرية المجتمع المدني" يختتم بإعلان حرب

قيود "حرية المجتمع المدني" يختتم بإعلان حرب - منى صفوان

هل المجتمع المدني شريك للحكومة في القرار... كما هو شريك في التنمية، على الأقل، السياسية؟
 فتح مؤتمر حرية المجتمع المدني بأسئلة من هذا النوع في حوار مفتوح شاركت فيه الحكومة وممثلون عن المنظمات والأحزاب والمانحين, ليظهر أن هناك خلافاً قائما بين المنظمات والحكومة. وهو ما أشار إليه ياسين سعيد نعمان، بتحدثه عن" التناقض بين رؤية المجتمع والسلطة ", مشيراً إلى إلى الرقابة التي تتمسك بها الحكومة تصل إلى محاضر اجتماعات الأحزاب.
الحكومة من جانبها بدت معترضة على إصرار البعض على عدم قانونية تسجيل المنظمات لدى وزارة الشئون الاجتماعية، التي تشترط الحصول على ترخيص لمزاولة النشاط وإلا لا تعتبر قانونية، لذالك فان "هود" القانونية /الحقوقية، في نظر الحكومة, لا تتمتع بكيان قانوني معترف به حكوميا.
"هود" كانت إحدى المنظمات لمؤتمر استمر ثلاثة أيام إلى جانب خمس منظمات أخرى, على رأسها صحفيات بلا قيود إلى جانب المعهد الدنماركي لحقوق الإنسان, ومركز المعلومات والتاهيل لحقوق الانسان، الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات, المدرسة الديمقراطية, والمنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية.
 
التمويل الأجنبي
 الحرية التي تريدها "هود" تتلخص في أحقيتها بعدم التسجيل,تنطلق من حق دستوري يكفل للمواطنين حرية تنظيم أنفسهم وإنشاء المنظمات. خالد الانسي في قراءته لمسودة مشروع القانون الذي أعدته "هود"، أكد على أن أي مشروع قانون أن يرفع من سقف الحريات، غير أن الحريات هنا قد تعني الفوضى في وجهة النظر الأخرى التي ترى انه لابد من تنظيم المسألة. فهناك اليوم أكثر من 5000 جمعية ومنظمة, وعليها جميعا الخضوع للقانون, الذي قال عنه وكيل وزارة الشئون الاجتماعية: إنه نتيجة عمل مشترك بين الحكومة والمنظمات والجهات المانحة،منها البنك الدولي والبرنامج الإنمائي للامم المتحدة, ليكون هذه القانون بذلك وثيقة شراكة. إن هذه الشراكة كانت هي شعار المؤتمر الذي أراده منظموه إعلاناَ لحريات المجتمع المدني، بداية حوار حول قانون بديل للقانون الذي يستعد للتعديل والذي تجده بعض المنظمات قانون للجمعيات الخيرية ولا يصلح للمنظمات الحقوقيه والمجتمع المدني. وظهر أن هذه المنظمات غير مطمئنة للتعديلات الحكومية, بالذات فيما يخص التمويل الأجنبي.
الممولون برامجهم التمويليه تتجة بسخاء تجاه المجتمع المدني بحسب وصفهم, لأنهم يرونه اقرب للناس من الحكومة. ولكن هل يعني قبول التمويل الخارجي تبعية للمنظمات الأجنبية؟
 المؤتمر عرج سريعا على هذه النقطة, منغمسا في أهمية الشفافية التي تريدها الحكومة, وبين أهمية التمويل المباشر الذي تريده المنظمات.
د. ماري غانتوس من منظمة ADDLاللبنانية, قالت إن تمويل الجمعيات ليس عليه أن يكون طليقا، ومن ناحية أخرى لا يجب أن يكون الإشهار مشروطا، وعلى المجتمع المدني أن يقوم بدوره الرقابي على الحكومة وهي رقابة تشبه الرقابة الأبوية، وأكدت أنه لا يوجد قانون مثالي في العالم ولا حتى القانون اللبناني.
لم تشارك كافة المنظمات في فعاليات المؤتمر, غير أن من حضروا حرصوا على أن يمثلوا وجهات النظر المختلفة.
ووجد البعض أن أشكال حرية التعبير يجب أن تكون مكفولة للمنظمات "فما هي الإشكالية من أن تتمتع هذه المنظمات بكافة أشكال حرية التعبير, فإن كان لدينا 500 منظمة ما المانع لتواجد 500 صحيفة وفضائية!!", على حد تعبير المحامي عبد لعزيز البغدادي.
 
 القانون والأحزاب
الاتجاهات التي تحدثت عنها الحكومة لتعديل القانون الذي صدر قبل سبع سنوات, تضمنت عشر نقاط من ضمنها التمويل الأجنبي الذي أراده منظمو المؤتمر حراً, بمعنى أن تحصل المنظمات على التمويل دون إشراف أو إخطار الحكومة. وهو ما اعتبره وكيل وزاره الشئون الاجتماعية علي صالح عبدالله, يناقض مبدأ الشفافية التي تنادي بها هذه المنظمات.
 وكان هناك اعتراض من القاعة على مماطلة الحكومة في تقديم مشروع قانون (نعمل معهم منذ 2006 ولا زلنا في اتجاهات), "هود" بمبادرتها حاولت حرق المراحل من إشكالية الصراخ حول القانون وانتظار الكارثة كما وصفها الانسي إلى اقتراح قانون بديل، وهو ما لاقى اعتراضاً من بعض المشاركين كفتحية عبد الواسع (من مؤسسة مدى)، غير أن شوقي القاضي رئيس المنظمة الوطنية لتنمية المجتمع أثنى على مبادرة "هود" لوضع مشروع قانون على طاولة المؤتمر ودعا بقية المنظمات أن تبادر بإعداد مشاريع قوانين لتساعد الحكومة في تعديل القانون الحالي وأهمية أن تبحث هذه المشاريع في لقاء خاص.
غير أن إشكالية القانون ظهرت سياسية أكثر منها قانونيه. لذا كانت هناك اقتراحات لعلاج سياسي قبل الحديث عن القانون.الذي تجده بعض المنظمات يلتف بالغموض، ولا يستبعدون وجود مؤامرة ضد ما يرونه الحرية المطلوبة للمجتمع المدني.
وحاولت الندوة في نقاشاتها التركيز على البعد القانوني لإبعاد الاحتقانات السياسية، التي لم تكن بعيدة كثير, فقد ركز المشترك في مداخلته على أهمية أن تحترم الحكومة القانون أولاً، قبل أن تطلب من الآخرين تطبيقه. وإلى جانب الإشارة إلى وجود منظمات تحظى بالدعم الحكومي مقابل منظمات أخرى مغضوب عليها, مما يساعد في توليد الكراهية.
وكانت الحكومة قد أشارت في وقت سابق إلى الخلفية الحزبية التي تعمل بها بعض المنظمات والشعارات التي ترفعها، و كان تواجد الأحزاب في المؤتمر ممثلا بحضور قيادات الاشتراكي الأمين العام ياسين سعيد نعمان, وجوهرة حمود الأمين المساعد, وعلي الصراري, إلى جانب عبد الوهاب الانسي من التجمع اليمني للإصلاح, ومحمد الصبري الناطق الرسمي باسم المشترك. فيما لم يمثل المؤتمر الشعبي العام أي من قياداته الرسمية، مما جعل هذا المؤتمر يبدو أنه إعلان حرب على الحكومة، كما جاء في وصف الإعلان الختامي له,الذي أوصى المشاركون بتعديله وتنقيته من الكلمات النارية, فقد قدم الإعلان الختامي بنص يضرب بعرض الحائط وجهة نظر الحكومة, خاصة التراخيص المسبقة والحصول على التمويل المباشر للهبات والمنح المالية، مما جعل أغلبية القاعة تطالب بتعديل البيان الختامي, الذي قد لا يبدو من أهداف المنظمين؛ لذالك وجد محمد علاو, الناشط المدني, أن هذا الإعلان هو بمثابة إعلان حرب, وأنه لابد من تغييره ليتفق وما طرح من أهمية تنظيم الحرية حتى لا تكون فوضى و وقد أخذت جميع اقتراحات القاعة وعدلت بها التوصيات والبيان الختامي.