تداعيات إعلان الهيئة الوطنية للحراك الجنوبي مستمرة.. السعدي: قرار مجلس التنسيق تشكيل لجنة لتسيير أعماله ليس رد فعل على النوبة

تداعيات إعلان الهيئة الوطنية للحراك الجنوبي مستمرة.. السعدي: قرار مجلس التنسيق تشكيل لجنة لتسيير أعماله ليس رد فعل على النوبة

تداعيات الإعلان المفاجئ بتشكيل هيئة وطنية لقيادة الحراك الجنوبي ما تزال مستمرة للأسبوع الثاني على التوالي. وتسعى شخصيات بارزة في مجلس المتقاعدين وفعاليات مدنية أخرى، إلى احتواء تأثير الإعلان على وحدة الحركة الاحتجاجية التي شهدت على مدى الشهور الماضية زخماً كبيراً في المحافظات الجنوبية والشرقية.
وكان ناصر النوبة رئيس مجلس تنسيق جمعيات المتقاعدين، وحسن باعوم القيادي الاشتراكي البارز، أعلنا في 19 يناير الجاري تشكيل الهيئة الوطنية لقيادة الحراك الجنوبي كإطار سياسي يقود الاحتجاجات التي تنخرط فيها العديد من الفعاليات السياسية والمدنية والشعبية.
وعلى الرغم من محاولات عديدة بُذلت لتفادي التداعيات السلبية للاعلان، فإن النوبة وباعوم أبديا في اعتصام المكلا السبت الماضي، عزمهما علي السير في خيارهما.
وطبق مصادر موثوق بها، فإن الإعلان صدر على إثر عدم تجاوب فعاليات عديدة مع النوبة وباعوم خلال التحضير لمهرجان التصالح والتسامح الذي عُقد في عدن يوم 13 يناير، إذ إنهما اعترضا على مضامين البيان الختامي للمهرجان، لأنه لم يتضمن نصاً يطالب بحق تقرير المصير.
وبرز النوبة خلال العام الماضي باعتباره من ألمع الشخصيات التي تقود الاحتجاجات في الجنوب. وكان اعتقل مرتين لفترات متفاوتة جراء نشاطه وتصريحاته الداعية إلى إلغاء آثار حرب 1994، والمطالبة بحق تقرير المصير لأبناء الجنوب. وهو يرأس مجلس تنسيق جمعيات المتقاعدين قسريا من العسكريين والأمنيين، منذ تأسيسه منتصف العام الماضي، لكن المجلس شكل نهاية الاسبوع الماضي لجنة لتسيير مهام المجلس وإعداد لوائحه الداخلية، ما اعتبر رداً على النوبة الذي لم يحضر الاجتماع.
العميد علي السعدي رئيس اللجنة أفاد «النداء» بأن اللجنة التي تشكلت ستتولى إدارة المجلس وإعداد لائحة منظمة تشمل آليات تحدد طريقة اختيار رئاسة المجلس، والتداول عليها.
السعدي شدًّد على أن تشكيل اللجنة كان مقرراً سلفاً في أجندة اجتماع المجلس وليس رد فعل على إعلان النوبة تأسيس الهيئة الوطنية. وبشأن موقفه من الهيئة التي أعلنها النوبة وباعوم، قال إن ذلك فاجأه «وإنْ كنا نعتبر أي شكل من الأشكال المعبرة عن حقوقنا وقضيتنا رافداً مهماً في تصعيد الفعاليات السلمية».
 
 

***
 
 

قالت إن الإعلان فاجأها، واقترحت بدائل ديمقراطية للحفاظ على الوحدة... الجنوبية
قيادات في حركة الاحتجاجات تسعى لاحتواء التداعيات السلبية لهيئة النوبة وباعوم

شفيع العبد
 
"من أجل إكساب الحراك الشعبي أفقه السياسي أعلن عن قيام الهيئة الوطنية العليا للدفاع عن الحق الجنوبي". هكذا جاء في البيان الذي صدر في عدن في 19 يناير وتناقلته وسائل الإعلام وقد ذُيِّل البيان بتوقيعي العميد الركن ناصر النوبة رئيساً للهيئة وحسن باعوم أمينا عاما لها.
البيان أدى فور صدوره إلى ظهور حالة من التباينات في وسط الحراك الجنوبي، ونظر إليها البعض على أنها بداية لخلافات ستؤثر على مستقبل القضية الجنوبية، من منظور أنها لم تراع أبسط الأساسيات والتي تتمثل في التشاور حولها وإشراك كافة الفعاليات في الساحة الجنوبية.
فيما اعتبر البعض الهيئة المعلنة محاولة استباقية من النوبة وباعوم مستغلين جماهيريتهما لتفويت الفرصة على جهود تبذل لإخراج هيئة موحدة لقيادة الحراك بعد أن يتم الاتفاق عليها من قبل جميع القوى الفاعلة في الحراك السياسي الجنوبي.
وفي اعتصام المكلا يوم 26/1 انتظرت الجماهير موقفا واضحا حول الهيئة من قبل النوبة وباعوم، اللذين أعلنا تمسكهما بالهيئة غير مكترثين بما قيل أو سيقال حولها، مؤكدين أنها ستكون مفتوحة لكل أبناء الجنوب من المهرة إلى الضالع، ومطالبين باحترام رأيهما مثلما هما يحترمان آراء الآخرين، حد قولهما.
للوقوف على حقيقة ذلك ومدى وقع إعلان الهيئة على الحراك، وهل تمثل إضافة نوعية للحراك أم العكس، استطلعت "النداء" آراء شخصيات بارزة في الحراك الجنوبي ومن محافظات مختلفة.
 
> عضو البرلمان عن الحزب الاشتراكي (ردفان)، ناصر الخبجي، شدد على أن الحراك الجنوبي بحاجة إلى رؤية ومرجعية سياسية واضحة وقيادة وآلية تنظم وتحدد مسار ومعالم هذا الحراك بتوافق وإشراك جميع قادة الحراك بدون استثناء وبغض النظر عن الانتماء الفكري والسياسي طالما والهدف هو خدمة القضية الجنوبية.
وفيما يخص الهيئة المعلن عنها قال: "شخصيا لم أسمع عنها إلا من خلال وسائل الإعلام". وأضاف: "أعتبرها مبادرة جيدة ولم نكن ضدها، بشرط أن تكون مبنية على رؤية سياسية واضحة وأن يكون هناك توافق لتصب في خدمة القضية الجنوبية، وأن تكون قد أخذت الوقت الكافي للحوار مع الآخرين حتى يضمن لها النجاح". واستطرد: "هدفنا الأساسي هو الانتصار للقضية الجنوبية وإن اختلفت التكتيكات والأساليب. والأهم أن لا يعمل بعضنا ضد بعض عندما نختلف فنحن دعاة تصالح وتسامح وأصحاب قضية واحده هي قضية الجنوبـ".وختم تعليقه بالقول: "ما ستكشف عنه الأيام القادمة سنتعامل معه في حينه".
> عبد العزيز بامعلم وهو من الشخصيات الفاعلة في حضرموت في حركة الاحتجاجات، شدد على أن التفكير في تشكيل أي إطار "يجب أن يتم من مختلف الفعاليات الموجودة في الساحة دون استثناء". وبشأن الهيئة قال: "نشعر بأن هناك تجاوزا قد تم، ومحاولة للقفز على مجمل الفعاليات السياسية في الساحة الجنوبية".
وكشف عن مبادرة للفعاليات السياسية والمدنية في حضرموت وبالتنسيق مع الأخوة في محافظة المهرة "هدفها تحديد رؤيتنا للقضية الجنوبية وتوصيفنا لها على طريق إيجاد رؤية سياسية موحدة لقضيتنا وتوحيد خطابنا السياسي ومن ثم إيجاد ميثاق شرف يلتزم به الجميع وهم أبناء الجنوب الذين يقع على عاتقهم شأن القضية الجنوبية".
وأضاف: "ثم يأتي التفكير الجدي نحو إيجاد خطوات تؤسس لعقد مؤتمر وطني أو ملتقى وطني تشارك فيه كل الفعاليات، سواء تلك التي كان لها الأساس في وضع بذرة الحراك وهي ملتقيات التصالح والتسامح أو ما أعقبها من جمعيات كالمتقاعدين والدبلوماسيين والشباب والعاطلين وملاك الأراضي ومناضلي الثورة والشهداء، وغيرها من الفعاليات، وكل الرجال الذين يتطلب دورهم". وتابع: "بعد ذلك يتم انتخاب هيئة وطنية بعد أن يكون قد تم الاتفاق على برنامجها السياسي وميثاق شرف وينتخب لها قياده تسمى أي مسمى للدفاع عن القضية الجنوبية لمواجهة عنف السلطة وجبروتها"، معتبرا أن هذا سيزيل كل الخلافات والتباينات وسيوصلنا إلى وحدة للموقف والقضية. بامعلم أبدى ارتياحه لكلمة المشاركين من أبناء شبوة في اعتصام المكلا، "لأنها صبت في وحدة الجنوب ونبذ الاختلافات بهدف الانتصار للقضية الجنوبية".
> ومن الضالع بدأ عبده المعطري الناطق الرسمي لمجلس تنسيق المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين حديثه بالتذكير بموقفه المبكر لتجنب مأزق كهذا: "منذ لحظات الميلاد للحراك الجنوبي وأنا أدعو وبقوة إلى ضرورة وجود هيئة تكون الحامل السياسي للقضية الجنوبية، وطرحت هذا في ندوات مختلفة في الضالع وعبر الصحف، وكان آخرها صحيفة "الناس"، وعلى الإخوة في ملتقيات التصالح والتسامح ومجلس تنسيق المتقاعدين وكذا في لقائنا مع المشتركـ". وإذ أشار إلى صعوبات بالغة تحول دون إنجاز هذه المهمة، قال إن المشكلة من وجهة نظره تكمن في أن كل التيارات والفعاليات السياسية الموجودة في الساحة والمؤثرة في الشارع مازالت غير مؤمنة بمبدأ القبول بالآخر، وعدم توفر نكران الذات والذي تلاشى أمام حب الظهور عند بعض الأفراد، حيث لم يتم اعتماد مقاييس مقنعة في الاختيار مثل: الإخلاص، الإمكانية، القدوة، الإيمان بالقضية...
المعطري الذي يحمل شهادة دكتوراه في السياسة اقترح "روشتة" علاج للداء الذي شخصه، تضمن وحدة الصف، تبدأ باختيار 3-5 أشخاص من كل تيار أو فعالية ليقوموا بتلخيص وجهة نظرهم في برنامج عمل أو وثيقة تقدم، ثم تجمع كل هذه الوثائق ويختار من كل تيار أو فعالية 2-3 أشخاص لدراسة كل ذلك ومن ثم وضع وثيقة وآلية عمل تكون مقنعة للكل الجنوبي في الداخل والخارج.
> محمد علي شائف عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني اعتبر الحديث في موضوع الهيئة المعلنة سابقا لأوانه، لأن الفكرة لم تتبلور على مستوى أوسع والمسألة لم تعد مرتبطة بكيان جامع لقيادة هذا الحراك وتنظيمه، "فالكل يعلم أن قضية الجنوب خرجت دون أن يتبناها تنظيم بعينه مع الإقرار بوجود جهود فردية وجماعية شكلت مقدمات لما شهدناه خلال العام المنصرم". وأكد أن القضية (الجنوبية) ظهرت من داخل المعاناة الممنهجة التي عاشها الشعب في الجنوب لأكثر من عقد، فالشعب الذي أعطى كل شيء لاقى جزاء سنمار "من رئيس الدولة في الجنوب إلى فراش في مؤسسة حكومية".
وبشأن الهيئة المعلنة، شدد على حيوية قيام "مرجعية سياسية جامعة تنهض بدور الحامل السياسي للقضية، سواء أكان هذا الشكل المعلن عنه أو أي شكل آخر تجمع عليه قوى الحراك الجنوبي لضمان تحقيق الأهداف التي ترتقي إلى مستوى الاستعداد العالي للتضحية لدى الجماهير وليصون دماء الشهداء الزكية والتضحيات التي قدمت حتى الآن ولا يرتقي إليها أي مطلب غير استعادة دولة الجنوب المستقلة لمواجهة قضية طمس وجود منظم للجنوبـ".
> عباس العسل عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني (أبين) أكد عدم أية تحفظات لديه على تسمية النوبة وباعوم كأبرز رموز جنوبية قدمت تضحيات من أجل أبناء الجنوب غير مبالية بسيف المعز وذهبه. وقال: "تحفظي الوحيد على طريقة إعلان الهيئة؛ كان ينبغي أن تسير وفق الأطر التنظيمية الصحيحة، أي من القاعدة إلى القمة عبر تشكيل مجالس للمديريات ثم المحافظات ثم انتخاب هيئة عليا بحيث يصبح كل جنوبي على قناعة باختيار قيادته. وأؤكد أن الأمور لو سارت هكذا فلن يختلف جنوبي على باعوم والنوبة".
> كذلك تحدث إلينا الصحفي والأديب احمد القمع، فرأى أن المطلوب أولا تعريف للقضية الجنوبية وضرورة توحيد الخطاب السياسي ووضوحه في الداخل والخارج بعيداً عن حكاية تأجيل الحل. وإذ عزا التباينات في الاراء إلى غياب الوضوح وتأجيل (اقتراح) الحلول والصيغ، نفى وجود صراعات سياسية، وقال إن "الحكم في النهاية للشارع الجنوبي الذي سيجبر كل الأطراف على توحيد الخطاب والحل للقضية".
> إنصاف مايو رئيس المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بمحافظة عدن وعضو مجلس النواب، أوضح أنه لم يطلع "على
هذه الهيئة وتشكيلها". معتبرا أن أي كيان أو إطار يعتبر إضافة للحراك السلمي بشرط تمتعه بروح القبول بالآخر، "فالتنوع وظهور الكيانات والتيارات شيء طيب ومحمود متى ما انتهجت مبدأ القبول بالآخر". لكنه أضاف: "لا يمكن لطرف أن يدعي الوصاية على القضية الجنوبية التي تداعى لها الناس. القضية الجنوبية ملك لكل جنوبي حتى أولئك في السلطة والمؤتمر الشعبي العام تعنيهم القضية الجنوبية".