كن وزيراً فاشلاً.. تصبح سفيراً - بلقيس اللهبي

كن وزيراً فاشلاً.. تصبح سفيراً - بلقيس اللهبي

نحتفل سنويا بأعياد ثوراتنا المباركة، ويحق لنا أن نحتفل، على الأقل بذكرى أولئك الذين بذلوا أرواحهم في سبيل هدف نبيل آمنوا به, ولكن هل سألنا أنفسنا: هل تحققت أهدافهم؟ ليس على مستوى الأهداف الستة العريضة التي وقفت على هيئة أعمدة خرسانية تذكر بأعمدة عرش بلقيس التي خرمتها الأعيرة النارية ليتعلم أبناء مأرب وزوارها "التنصاع".
ليست هذه الأهداف التي أطرحها, وإنما الحرية والعدل وتكافؤ الفرص القائم على الكفاءة والخبرة والاختصاص. اذا تأملنا بعين الحريص على هذه الثورة وأهدافها, سنجد الأجابة لا... لم تتحقق هذه الأهداف, فلازالت الفرص تعطى لحمران العيون الذين يستطيعون القفز على كل المعايير بالصميل تارة والمال أخرى والخبرة ثالثة، ولكن بضمة شديدة على الخاء.
يتطلع الشباب (فتية وفتيات) الى الجامعة كأجمل إنجاز للثورة، وكذلك أهاليهم. هذا التطلع ليس فقط للعلم الذي يكتسبونه, إنه أيضا للمجد الذي سيكسبهم إياه ذلك العلم، والمجد لا يحوي المال الذي سيجنونه من وظيفة محترمة يتقلدونها حال تخرجهم من الجامعة فحسب, بل المركز ومتعة العمل والخدمة العامة.
وبشوق كبير يتطلع بعض هؤلاء الى قسم العلوم السياسية بالجامعة, كبوابة الى الخارجية.. البوابة الى العالم, لكن بعد التخرج وبعد أن يحالف الحظ القليل الوصول الى أروقة وزارة الخارجية, هذه الأروقة التي قد يصلها البعض منهم بعيدا عن عدالة وتكافؤ الفرص، بل بالطرق الأخرى المذكورمنها القليل أعلاه, ويتراكم هؤلاء في أروقة الوزارة بانتظار التعيين كدبلوماسيين في سفارات الوطن, فهم الأحق حسب التخصص, الذي تلاه العمل في قلب السلك الدبلوماسي (وزارة الخارجية), وقد يحظى منهم من يحظه الله بالعمل في سفاراتنا في الخارج تحت أي مسمى دبلوماسي, أما اذا ما عمل في سفارات عدة وأبدى جدارة دعمتها سنوات خبرة، فهو يقف منتظرا تعيينه سفيراً جديراً بمركز كافح من أجله، معطيا جل سنوات عمره في اكتساب الخبرة الدبلوماسية، مدعما دماثة أخلاق الديبلوماسي بخطوط الشعر الأبيض التي تحكي عن شاب دخل الخارجية بشعر شاب وطموح واختصاص ولغات أجنبية.
بعد هذا الطابور الطويل الذي يقفه موظف الخارجية, هل يصل الى التعيين سفيرا لوطنه في س أو ص من بقاع المعمورة؟ للأسف تقفز الأجابة لا الى وجوهنا, بنفس الطريقة الاستفزازية التي يقفز فيها وزير من كرسي وزارته (الذي فشل فيه لسنوات) الى صفحات الجرائد بقرار تعيين وقسم بيمين سبق أن حنث بها وزيرا ليعين سفيرا.
أمر لا يحتاج لكثير بحث عن وثائق لتأييده, بحث فقط في أسماء لسفراء عينوا في السنوات الماضية يؤكدها تماما, أسماء وزراء كثر كتبت عنهم صحف السلطة والمعارضة على حد سواء, متناولة سوء إدارتهم للشأن العام مالا وكادرا, وخبرنا بعضهم عن قرب في وزارت خدمية, بل كنا ننتظر ان يمثلوا أمام القضاء للمحاكمة لاستغلالهم مناصبهم في إهدار المال العام والكسب غير المشروع من كثرة ما أكدت المصادر ان "الرئيس داري" بما اقترفته أيديهم, واثقين من تطبيق مبدأ "من أين لك هذا؟" بحقهم, ولم نجد إلا تعيينهم سفراء, بدأنا نصدق انه فعلا بوابة السفارات لا تفتح الا لوزير كلمة السر فيها هي علامات استفهام حول إدارته لوزارته السابقة.
ونجد الدبلوماسي الخبير الموعود بسفارة ما يطوي بدلة تعيينه, معها سنوات خبرته، ويضعها في دولاب مكتبه بوزارة الخارجية, بانتظار ان ينتهي طابور وزراء انتهت صلاحياتهم بالوزارة, ولم تنته مصالحهم, ووزير خارجية لا يملك صلاحيات لتعيين موظفيه لأن التعيينات عليا, وهو ليس من كادر الخارجية ولم يعترك السلك الديبلوماسي بالاساس, وقد تنتهي سنوات خدمة هذا المنتظر ويحال الى التقاعد وهو لم يجد قضاء إداريا ولا غير إداري مستقلا عادلا يعرض أمامه مظلمته منصفا إياه ومعطيه حقه.
وسؤال بريء: هل حقا يعتقد من له الحل والعقد في أمر التعيينات, أن الوزير الذي أساء إدارة وزارة في الوطن قادر على رعاية الوطن خارجه؟!