صنعاء 19C امطار خفيفة

موقف

انطلاقًا من مسؤوليتي الوطنية ومساري المهني في السلك الدبلوماسي، وبوصفي شاهدًا على مرحلة مفصلية من تاريخ اليمن، أؤكد أن ما شهدته البلاد منذ اندلاع الحرب لم يكن مجرد صراعٍ سياسي عابر، بل عملية مركّبة استهدفت تفكيك مؤسسات الدولة وإحداث فراغٍ مؤسسي مكّن قوى الأمر الواقع من بسط نفوذها على الداخل، فيما اضطرت السلطات الدستورية إلى ممارسة مهامها من خارج البلاد تحت ظروف استثنائية بالغة التعقيد.

لقد أسهمت العمليات العسكرية في إلحاق أضرار واسعة بالبنية التحتية المدنية والحيوية، الأمر الذي عمّق معاناة المواطنين وأضعف وجود دولة قادرة على القيام بواجبها والنهوض بوظائفها الأساسية، في وقتٍ كان اليمن أحوج ما يكون إلى مقاربةٍ وطنية عقلانية تحفظ سيادته وتجنّبه الانزلاق إلى دوّامة صراعٍ طويل الأمد.
 المبعوث الأممي لليمن غريفيث والكاتب
وفي إطار دوري الرسمي، كنت جزءًا من الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى البحث عن حلولٍ سياسية عبر المسار الأممي، غير أنّني — ومع تطوّر المشهد وتعقّد توازناته الإقليمية والدولية — أدركت أن هذا المسار يتجه نحو إدارة الأزمة بدل إنهائها، بما يحمله ذلك من مخاطر على الهوية الوطنية وإعادة تشكيل الدولة خارج إرادة أبنائها.
وعليه، اتخذتُ قراري بالانسحاب من موقعي الرسمي انسجامًا مع قناعتي بأن اليمن بحاجة إلى مسار وطني جامع، يرتكز على استعادة مؤسسات الدولة بوصفها مرجعيةً سياديةً جامعة، ووقف العبث بالبنية المدنية والاقتصادية، ورفض تحويل البلاد إلى ساحة صراعات بالوكالة، ودعم تسويةٍ عادلة تحفظ وحدة اليمن وتصون كرامة شعبه.
إن موقفي لا ينطلق من اصطفافٍ مع أي طرف، بل من إيمانٍ راسخ بأن السلام العادل، واستعادة الدولة المدنية الجامعة، هما الخيار الأخلاقي والسياسي الأمثل لإنهاء معاناة اليمنيين وحماية مستقبل وطنهم.
- دبلوماسي وسفير وبرلماني سابق

الكلمات الدلالية