صنعاء 19C امطار خفيفة

الرأسمال الطفيلي وحكم الفساد وجهان لعملة واحدة

كنا نظن أن بعض التجار الكبار هم من أصحاب الرأسمال الوطني الذي عمر كثيرًا من البلدان باستثماراته العملاقة، ذلك أن الرأسمال الوطني يعتبر إحدى الدعائم الأساسية للحكم السياسي المدني الذي يدعم الدول المدنية الديمقراطية الاتحادية، سواء في اليمن أو في غيرها من البلدان، لكن تصوراتنا في اليمن ذهبت أدراج الرياح، حيث كشفت الحرب القبلية الطائفية الترابط الكبير بين أصحاب رؤوس الأموال الطفيلية وأنصار مشروع المارونية السياسية في اليمن.

كما كشفت هذه الحرب التي شنت على مناطق واسعة من اليمن، أن القاسم المشترك الأكبر بين هذين الحليفين هو الفساد ونهب الشعب اليمني والإثراء اللامشروع من دمائه وثرواته. وقد أكدت الوقائع أن أعمدة حكم الفساد الذي أسسه الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، اعتمد ويعتمد في بقائه على تمويل ودعم الرأسمال الطفيلي الذي يعيش على مستنقعات الفساد، وعاش شريكًا لحكم الفساد في نهب الشعب اليمني وتكوين الثروات من تجارة التهريب والتهرب الضريبي، واستخدام سطوة الدولة في الاستيلاء على أراضي الدولة والأوقاف، ونهب ممتلكات الشعب والمواطنين الفقراء.
لقد كنا نظن -وبعض الظن إثم- وإلى وقت قريب، أن الثروات التي كونها الرئيس المخلوع وتصل إلى عشرات المليارات من الدولارات، هي وحدها التي قامت على نهب الشعب اليمني وإشاعة الفساد وجرائم غسيل الأموال والمتاجرة بالسلع غير المشروعة، ولكن الحرب التي شنها الانقلاب الحوفاشي على أجزاء واسعة من الأرض اليمنية، واعتمدت على تمويل اللصوص من أصحاب رؤوس الأموال الطفيلية، أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك شراكة الرأسمال الطفيلي لحكم الفساد، وأقصد برأس المال الطفيلي كل أصحاب رؤوس الأموال الذين تكونت ثرواتهم وهم في حضن السلطة.
كما تثبت الأحداث وتبرهن الأيام أن حكم الفساد وشركاءه من الرأسمال الطفيلي وجهان لعملة واحدة، وقد اعتمدا على بعضهما البعض لفترة غير قصيرة في المتاجرة بدماء الشعب والإثراء اللامشروع والاشتغال في اقتصاد التهريب والاقتصاد غير المشروع، بما في ذلك العمل في السوق السوداء التي غدت في اليمن اليوم سوقًا بيضاء، حيث تتم المتاجرة بالسلع الأساسية الخاصة بالمواطنين في وضح النهار، بحكم تحالف الحرب الذي يتشكل من هذه الأطراف وتعاونها، والذي لم يقتصر على المتاجرة بقوت الشعب والسلع التي يوفرها ما تبقى من مؤسسات الدولة من أجل أن تقدم للسواد الأعظم من الشعب، بل امتد تعاون هؤلاء الشركاء إلى المتاجرة بما تقدمه المنظمات الدولية من معونات ومساعدات، وكذا المتاجرة بكرامة ودماء هذا الشعب، ومصادرة الحياة الكريمة التي كانت قد تحققت له بفضل كفاحه ونضاله المستمر والدؤوب منذ قيام ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر الخالدتين.
إن على أبناء الشعب اليمني في مختلف المناطق اليمنية، أن يوحدوا صفوفهم، وأن يقاتلوا من أجل الحفاظ على ما تبقى من مكتسباتهم وكرامتهم، ومن أجل القضاء الجذري على حكم الفساد وحلفائه، واسترجاع الثروات التي نهبها الرئيس المخلوع وزبانيته من أصحاب الرأسمال الطفيلي، اللذان أثبتت الأيام أنهما لا يشبعان ولا يرتويان من مستنقعات الفساد والجرائم الاقتصادية التي ترتكب بحق الشعب اليمني جهارًا نهارًا.

الكلمات الدلالية