محمد غالب أحمد كمناضل وطني
محمد غالب أحمد
بدأ محمد غالب أحمد قاسم رحلته مِنْ قَريتهِ «نجال» الشُّعَيب في 14/10/1949. عاش نَزرًا من طفولته في «مرَيْسْ»؛ لانخراط والده في المواجهات ضد الاستعمار البريطاني.
تلقى تعليمه الأولي فِيْ «المِعْلامة» (المدرسة القديمة). كما درس في «العوابل»، و«زنجبار»، و«كلية الاتِّحَاد سَابقًا» (الشَّعْب حَاليًّا). ودورات خارج الوطن.
انتمى شَابًا للجبهة القومية فِي 1965، وشارك في الأنشطة الطلابية والشبابية والعسكرية في عدن، وكان له دور في التنظيم في منطقة «الشُّعَيب»، وَتَعرّضَ للاعتقالات الكثيرة في زنجبار، و«سجن البحرية»، و«سجن الصحراء»، في مدينة الاتِّحَاد سَابقًا.
اشترك المناضل الوطني في معارك الدفاع عن الوطن وحماية الثورة والاستقلال، وَلَعِبَ دَورًا مَائِزًا فِيْ التحضير للوحدة، وفي لجانها المشتركة: لجان الثقافة، والسياحة، والرياضة، والخارجية. وكان له حضور في النشاط الحزبي كعضو في قيادة منطقته بالشعيب، وسكرتير شُعبَة لحج، ومسؤول تنظيمي في «ردفان».
وَأسهمَ في مجال الإعلام والعمل الصحفي. فقد رأس تحرير مجلة «إلى الإمام»، الصادرة في لحج. وكان أول رئيس لتحرير «نِداء الوطن»، الصادرة عن المغتربين، وَكَانَ أيضًا رئيسًا للمؤتمر الثاني للمغتربين.
وللمناضل دور بارز في النشاط الرياضي، فقد رَأَسَ «نادي التلال» الرياضي، وكان عضوًا في أول مجلس إدارة للجنة الأولمبية بعدن عام 1980، وَرَأسَ اللجنة الأولمبية كمنتخب؛ وهو أول رئيس للجنة الأولمبية الموحدة 8 فبراير 1990.
تبوأ المناضل الوطني محمد غالب مَناصِبَ عديدة، وَشَغلَ مواقع مختلفة في الداخل والخارج، وفي وزارات مختلفة، وتولى عدة مسؤوليات، سواء قبل الوحدة أو بعدها. فقد عمل قُنْصُلًا في لندن بدرجة سكرتير أول في الخارجية، وَمسؤولًا عن التنظيم في بريطانيا، وعين مديرًا لإدارة المغتربين والشؤون القنصلية بوزارة الخارجية، كَما عَمِلَ مُستَشَارًا بالوزارة، إلى جانب إدارة المغتربين، وَقَائمًا بأعمال السفارة في السعودية، وَنَائبًا لوزير الخارجية لشؤون المغتربين، كَمَا عَمِلَ نَائبًا لوزير الثقافة والسياحة، وَنَائبًا لوزير الدولة لشؤون الرياضة، وَرئيسًا للمجلس الأعلى للرياضة بدرجة وزير.
وانتخب في مايو 1990 عُضوًا في مجلس الشعب الأعلى عن «دائرة لَبْعُوسْ» -يافع.
وبعد الوحدة في الـ22 من مايو 1990، عُيِّنَ عُضوًا في أول مجلس نواب للجمهورية اليمنية. وفي يونيو من نفس العام عُيِّنَ نَائبًا لوزير الشباب والرياضة في أول حكومة في دولة الوحدة. وَكَانَ مُرَشَّح الحزب الاشتراكي في الدائرة (82) بِالشُّعَيب -«حَبِيلَ الرَّيدَة».
حياته الزاخرة بالعطاء، وأعماله المجيدة، وسلوكه غاية في الاستقامة والأدب والتهذيب، ونبل أخلاقه وتواضعه الزاكي، كلها تدل على عظمة الفادي المناضل الوطني والقومي والإنساني محمد غالب أحمد قاسم، وحتى تسمية أبنائه تدل وتشهد على ذلك: ذو يزن، صنعاء، عمار، أديس، لَبُوزة.
تصدى غالب لحرب 1994 ضد الجنوب، وَأدركَ عَميقًا أنَّ الحرب موجهة -بالأساس- ضد الوحدة السِّلميَّة، وكانت ثأرًا قبليًّا ورجعيًّا من تجربة ثورة الرابع عشر من أكتوبر، للقضاء على منجزاتها في مجال العدل والبناء الاجتماعي المستقل، وتحديث التعليم، والقضاء على الأمية، وبناء نواة اقتصاد وطني؛ رغم شُحِّ الإمكانات، وحصار الرَّجعيَّات والإمبريالة، وَسَنِّهَا في تجربتها الثورية قَوانينَ ديمقراطية؛ خُصُوصًا «قَانون الأسرة» الأهم كقانون الأسرة التونسي.
دافع محمد غالب -كعضو في قيادة الحزب الاشتراكي، وكقائد يمني وحدوي- عن الحريات والوحدة، ووقف بعد الحرب الانفصالية في مُقدِّمَة الصفوف إلى جانب علي صالح عباد مقبل؛ لإعادة بناء الحزب الاشتراكي في صنعاء، وكان يدرك أنَّ الحرب هي الانفصال الحقيقي، وإلغاء مشاركة الجنوب.
كَمَا وقف ضد اعتقالات قيادات الحزب، وكان وإلى جانب الأمين للحزب الاشتراكي علي صالح عباد مقبل، يحضران محاكمة الصحفيين والصُّحُف مِنْ مختلف الاتجاهات: «الشَّارع»، «الوحدوي»، «النداء»، «الشُّورى»، «الأمَّة»، «الثُّوري»، «التَّجَمُّع»، «الأولى»، و«الأيام» التي اعتقل رئيس تحريرها الفقيد هشام باشراحيل، وَشُنَّتْ عليها حربان في الشمال والجنوب، وَحُكِمَ على حارسها بالإعدام.
وعندما اعتقل المناضلون: حسن باعوم، وعلي منصر، ويحيى الشعيبي المحامي، وصلاح السقلدي، وأحمد الرَّبِيزي، كان مقبل ومحمد غالب في صدارة حضور المحاكمات وُقُوفًا مَعَ حَقِّ أبناء الجنوب في الاجتماع ضد الحرب على تربتهم وبلدهم.
قاتل محمد غالب بمواقفه وآرائه وزوامله التي كانت تنشر في «صحيفة الثوري» المشهود لها برفع سقف الخطاب النقدي أثناء رئاسة الصحفي الكفء والقدير خالد سلمان الذي حُكِمَ عليه بثلاثة عشر حُكمًا، رُبَّمَا كَانَ أهونها السجن لأعوام.
وَكَانَ محمد غالب أحمد -بحكم تجربته الصحفية- في طليعة المدافعين عن حرية الصحافة والرأي والتعبير.
يحمل المناضل محمد غالب العديد من الأوسمة اعترافًا وَتَكريمًا لدوره وكفاحه وعطائه وتفانيه في خدمة الوطن والشعب والأمة؛ وهي صادرة عن الرئاسة، وبعضها عن لجان الدفاع الشعبي، والشباب اليمني، ومن مناضلي حرب التحرير؛ وهي قليلة في مناضل أفنى أزهى سنوات عمره في خدمة وطنه، وَالدِّفَاع عن حريته واستقلاله ووحدته وسلامة كيانه وترابه.