أسعفوني... أو كملوني!
منذ أيام والمشهد في حضرموت يبدو ضبابيًا ومربكًا، حتى الأصدقاء من أبناء المحافظة في الداخل لم يكونوا على دراية بما يجري على الأرض. لكن اليوم، ومع سيطرة قوات المجلس الانتقالي على سيئون بهذه الصورة، اتضح للجميع أن ما حدث لم يكن وليد تحركات عسكرية مفاجئة، بل نتيجة قرار سياسي واتفاق غير معلن بين الأشقاء في السعودية والإمارات، وبمباركة الأشقاء في مجلس القيادة الرئاسي، يمهّد لسيطرة الأشقاء في الانتقالي على حضرموت الداخل.
قد تكون هناك حسابات ومصالح بين الأطراف المعنية لا نعرف تفاصيلها، وهذا أمر مفهوم ضمن سياق الصراعات والتوازنات الإقليمية. لكن ما دام الأمر محسومًا سياسيًا، فلم يكن هناك أي مبرر لإراقة الدماء، أو تعريض حياة الجنود من الجانبين للخطر، أو وقوع خسائر مادية من أي نوع، أو تضليل الرأي العام بإشعال معارك “تحرير” لمناطق يجري التنازل عنها سياسيًا في ذات الوقت. كان بالإمكان، ببساطة ووضوح، إصدار أوامر انسحاب رسمية تحافظ على الأرواح والممتلكات، وتجنيب الجميع الاقتتال والموت الذي لا ضرورة له.
شاهدتُ مقطع فيديو متداولًا لجندي جريح ملقى على الأرض، ربما كان واحدًا من أولئك الذين دفعوا ثمن هذا الاتفاق غير المعلن. حين اقترب منه المصوّر مع مجموعة من الجنود مطمئنين بأنه سيتم إسعافه، أجاب بصوتٍ أنهكه الألم وطول الانتظار:
"أسعفوني… أو كملوني!."
في تلك اللحظة لم يكن ذلك الجندي يتحدث عن نفسه فقط، بل كان يجسد اليمن الجريح الملقى على الأرض وهو يخاطب أبناءه أولًا، وجيرانه والعالم ثانيًا:
أسعفوني… أو كملوني!.