صنعاء 19C امطار خفيفة

لماذا اليمن؟

بعض شعوب العالم محظوظون أكثر من غيرهم، وتجدهم موضع اهتمام العالم ووسائل إعلامه في السراء والضراء، وشعوب أخرى، من بينها الشعب اليمني الطيب (أصل العرب)، بالكاد يحظى بالاهتمام المطلوب وبالدعم الذي يستحقه، بخاصة في أوقات الشدة -على اعتبار أن اليمن من الدول الفقيرة أو الأشد فقرًا، وشعبه يقبع في أسفل قائمة متوسط الدخل ومتوسط العمر ومعدل التنمية- مقارنة بشعوب العالم.

ومنذ تفجر أحدث ازمات اليمن -المستمرة حتى اليوم- خلال الأعوام 2011-2014، والشعب اليمني يعاني معاناة لم يسبق لها مثيل في تاريخه الحديث! صحيح أن اليمن خلال أحداث عام 2011، وما أطلق عليه البعض ربيع اليمن أو ثورة الشباب، حظي باهتمام عدد من الدول الشقيقة والصديقة، أبرزها دول مجلس التعاون الخليجي التي تبنت ما سُميَت المبادرة الخليجية، أملًا في احتواء الأزمة، ووضع حد للصراع على السلطة، لكن الرياح أتت بما لم تشتهه القوى السياسية اليمنية ودول الخليج، ولم يتمنه شباب اليمن ودعاة التغيير!
ومنذ عام 2015 وشن عاصفة الحزم وما تلاها من عواصف وقصف وتدمير وقتل حتى اتفاق التهدئة أو الهدنة الذي توصل إليه أطراف الأزمة اليمنيون وداعموهم من الأشقاء والأصدقاء، خلال شهر أبريل 2022، وحتى اليوم، يعيش اليمن وشعبه حالة غير مألوفة من اللاحرب واللاسلم، ومن الاستقرار والهدوء في بعض أجزائه، والقلق والتوتر في أجزاء أخرى، دون تغطية إعلامية ملائمة أو تدخل جاد وصارم من المجتمع الدولي ومن دول الخليج الشقيقة، لوضع حد للصراع على حكم اليمن، ولمعاناة ملايين اليمنيين النازحين المنتشرين داخل مخيمات وتجمعات بائسة في أنحاء متفرقة من اليمن، أو ملايين المغتربين والمشردين وطالبي اللجوء في دول الشتات!
وكما نتابع عبر وسائل الإعلام المختلفة، نلاحظ أن دولًا عربية وإفريقية وآسيوية تمر بأزمات أو بصراعات لا تختلف كثيرًا عن أزمة اليمن، كلبنان والسودان وليبيا وأفغانستان، وحتى الكونغو، تحظى باهتمام غير عادي، وبمساعٍ جادة من المجتمع الدولي، وحتى من قبل دول عربية شقيقة، لحل أزماتها، بينما تبقى أزمة اليمن "منسية"، والشعب اليمني محلك سر، دون تحقيق تقدم يذكر.
الصراع في جمهورية الكونغو حظي باهتمام دولة قطر الشقيقة التي بادر أميرها بدعوة طرفي الصراع إلى الدوحة، وتوقيع اتفاق سلام أو تسوية تنهي الصراع، بل بادر أمير قطر الشيخ تميم بزيارة الكونغو في طريقه إلى جمهورية جنوب إفريقيا، للتأكد من تطبيق الاتفاق الذي تم تحت رعايته، وأزمة السودان كما أزمة لبنان نتابع تغطية وسائل الإعلام لتطوراتهما طوال ساعات الليل والنهار، ومساعي المجتمع الدولي وبعض مبعوثي الدول لوضع حد لها، بينما تبقى أزمة اليمن واليمنيين "منسية"، ولا تحظى بالاهتمام أو بالتغطية الإعلامية المطلوبة!
فمتى يا ترى يتحرك ضمير المجتمع الدولي والدول الشقيقة والصديقة، ونتابع حراكًا جادًا لوضع حد للصراع على حكم اليمن، ووضع حد لمعاناة اليمنيين الذين يعاني الملايين منهم أزمة إنسانية هي الأسوأ من بين أزمات العالم؟

الكلمات الدلالية