صنعاء 19C امطار خفيفة

اليسار الليبرالي في الغرب من التراجع إلى الانزياح نحو اليمين

تبنى حزب العمال البريطاني اليوم سياسات هجرة متشددة تجاه اللاجئين، وهي سابقة تاريخية غير مألوفة عن نهجه اليساري، إذ قرر الحزب الحاكم ذو الميول اليسارية أن اللاجئ في بريطانيا لن يمنح الإقامة الدائمة إلا بعد عشرين عامًا، مع تقليص مدة الإقامة المؤقتة إلى 30 شهرًا، مع توقع ترحيله في أي وقت إذا رأت السلطات البريطانية أن بلده أصبح آمنًا. وقد سبقه أيضًا الحزب الليبرالي الكندي عندما رفع مدة معالجة الإقامة الدائمة للاجئين المحميين إلى ما بين 8 و10 سنوات استجابة للضغوط الشعبوية المتزايدة.

في نيويورك وقف السياسيون الديمقراطيون والجمهوريون معًا ضد مرشح مهاجر لمنصب عمدة المدينة، رغم أنه يمثل الحزب الديمقراطي، بل إن الإعلام المحسوب على الديمقراطيين شارك بقوة في استهداف ممداني، وهذا يعكس تغيرًا عميقًا في المزاج السياسي الغربي.
اليسار الليبرالي في الغرب يتآكل وينزاح نحو اليمين، وقد ينحصر المشهد السياسي بأكمله بين يمين ويمين متطرف، بخاصة أن التيارات اليسارية الغربية بدأت بالفعل بالتخلي عن مبادئها الأساسية في الانفتاح والتعددية، خصوصًا في ملفات الهجرة والأمن، ما يمهد لسياسات تجعل المناصب السياسية حكرًا على القوميات الغربية.
ومع كل ارتفاع للأسعار أو موجة تضخم أو أزمة اقتصادية، يتحول المهاجرون إلى كبش فداء، ويصبحون الهدف الأسهل للوم، وقد حدث ذلك مؤخرًا في أمريكا، حيث برر الرئيس الأمريكي ترامب ونائبه جيه دي فانس ارتفاع الأسعار -الناتج أساسًا عن سياساتهم الجمركية- بالقول إن المهاجرين هم السبب، رغم أن المهاجرين غير النظاميين في أمريكا يشكلون فئة تعمل بلا كلل، وتدفع الضرائب، وتسهم في الاقتصاد دون أن تحظى بالمزايا التي يتمتع بها المواطنون الأمريكيون.
ترامب ليس مجرد رئيس للولايات المتحدة، بل ظاهرة سياسية أعادت تشكيل المشهد الغربي بأكمله، وامتد تأثيره إلى خارج حدود أمريكا، وشجع التيارات الشعبوية والقومية على التوسع، وأجبر حتى خصومه السياسيين أنفسهم على الانزياح يمينًا.. وما نراه اليوم قد يكون بداية نهاية اليسار الليبرالي والديمقراطيات الغربية نفسها.

الكلمات الدلالية