صنعاء 19C امطار خفيفة

شكيب

شكيب
شكيب عوض

لعل من نافل القول أنه قد كان لي قصب السبق في اكتشاف الزميل العزيز شكيب عوض سعد الذي أصبح مديرًا للتحرير في جريدة "14 أكتوبر" في ما بعد.. والحق أقول إن شكيب كان طاقة إبداعية اكتشفها بنفسه لنفسه، ففي تلك الأعوام أول السبعينيات كان مدرسًا بمدرسة الخليج الأمامي في كريتر -لطفي أمان بعد ذلك- وكنت وقتها مشرفًا على باب أدب وفن في الصحيفة، علاوة على رئاستي لقسم التحقيقات في الصحيفة.

كان شكيب يسهم بمثابرة في الكتابة لباب الأدب والفن، ويحضر مقالاته بنفسه للصحيفة، وكانت تلك المقالات خير رافد للباب، وكنت أنشرها له في صدارة الصفحة.. وبالاعتياد اتفقت معه على أن أمر عليه إلى مدرسته أسبوعيًا لأخذ مساهماته.. وبمرور الوقت فاتحت الأخ سالم عمر، رئيس التحرير، بأن نعرض على شكيب الانتقال من مدرسته إلى الصحيفة للعمل معنا رسميًا كصحفي، فاستحسن سالم عمر الفكرة، وزكاها، وفوضني للتفاهم مع شكيب، وفعلًا عرضت الأمر على شكيب، لكنه بدا مترددًا في التخلي عن عمله في التدريس، فعرضت عليه أن يتمهل ويفكر في الأمر جديًا، واستغرق ذلك الأمر أسبوعين حتى وافق في نهايتهما.. ولم تمر أيام كثيرة حتى تولى تحرير باب أدب وفن الذي كنت أشرف عليه!
مرت بنا أيام زار خلالها الأخ علي ناصر محمد، رئيس الوزراء وقتها، الصحيفة، وكنت في ذلك الوقت نزيل المعتقل، فقام شكيب بمفاتحة رئيس الوزراء بمسألة اعتقالي، وكان الوحيد بين القوم الذي تجرأ على طرق هذه المسألة، ربما لكونه كذلك عضوًا في التنظيم السياسي الحاكم!
كان شكيب يتحلى بالشجاعة الأدبية والمعنوية، وخفيف الروح والظل، وواسع الاطلاع في مجالات الفن والأدب.. عرضت عليه الانضمام إلى فرقتنا المسرحية "المسرح الحديث"، فوافق للتو.. وذات يوم أتانا بنص مسرحية "مجلس العدل"، تأليف توفيق الحكيم التي نشرت في صحيفة "الأهرام"، لنمثلها للتلفزيون، وفعلًا مثلناها للتلفزيون، ولعب شكيب عوض لأول وآخر مرة دورًا رئيسيًا فيها، وكشف لنا ذلك عن تعدد مواهبه، حتى يصدق القول عنه بأنه كان فنانًا شاملًا.
من طرائف شكيب التي لا تنسى أنه قد أصدرنا عددًا خاصًا من صحيفتنا بمناسبة ذكرى ثورة أكتوبر الروسية. وكان العدد مكرسًا من ألفه إلى يائه لتلك المناسبة، وليس فيه حرف واحد عن بلادنا أو عن أي شيء آخر.. قلت ذلك لشكيب فقال لي: لذلك كان جديرًا بنا أن نكتب محل سعر العدد بعشرة فلس، أن سعر العدد بعشرة كوبك.. وهي العملة السوفييتية!
ومن العمل الصحفي في الجريدة انطلق شكيب عوض إلى التلفزيون ليكون مساهمًا بارزًا فيه، وقدم عدة برامج كلها ناجحة، لكن أنجحها كان برنامجه الأسبوعي "الشاشة الكبيرة"، الذي كان يقدمه أسبوعيًا في كل ليلة سبت، ويعرض فيه فيلمًا سينمائيًا، يتبعه بندوة تعليق عن الفيلم.
وعلاوة على ذلك، برامجه الحوارية البارزة وجولاته التلفزيونية التي تحفر وجدان المتلقي وتوسع مداركه.
كان شكيب عوض بكل امتياز صفحة مضيئة من صفحات الفن الشامل في بلادنا.

الكلمات الدلالية