صنعاء 19C امطار خفيفة

عمادة السلك الدبلوماسي

فوجئ دبلوماسيون في السفارات العربية، والمنظمات الإقليمية، ووزارة الخارجية المصرية بقرار ورسالة استدعاء سعادة السفير د. محمد علي مارم، عميد السلك الدبلوماسي العربي، بعد أقل من عامين من شغله منصب العمادة (نوفمبر 2021 -سبتمبر 2023م).

قمين بالذكر أن د. محمد مارم، يعتبر أول سفير يمني يشغل منصب العمادة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية اليمنية -المصرية، ولا يجب أن يستهان في هذا المنصب الرفيع مهما قيل من تبريرات لا تمت للواقع بصلة.
حقيقة الأمر، أن قرار استدعاء د. محمد مارم، وهو في قمة نشاطه الدبلوماسي، قبل وبعد أن تسلم عمادة السلك الدبلوماسي العربي، يعتبر من الأخطاء الدبلوماسية الفادحة، تتحمل وزارة الخارجية المسؤولية عن هذا الإخلال. وكان يقتضي الواجب أن يستمر في عمله حفاظًا على "العمادة" التي تعتبر مكسبًا دبلوماسيًا وسياسيًا لليمن في هذه الظروف الصعبة.
وأستحضر، في هذا الصدد، سعادة الأخ السفير والمندوب الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، الأستاذ عبدالله الأشطل -رحمه الله- الذي شغل أيضًا منصب عمادة السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي، في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وتمكن خلالها من تحقيق إنجازات لليمن في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي نظرًا لطبيعة تلك الفترة التي عمت فيها الصراعات الدولية والإقليمية... الخ.
من جهة أخرى، استطاع سعادة السفير د. محمد مارم، عميد السلك الدبلوماسي العربي من تدميك العلاقات الثنائية اليمنية -المصرية الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، فضلًا عن تطوير العلاقات الثنائية اليمنية -العربية بعد تبوئه منصب العمادة في نوفمبر 2021م، خلفًا لسعادة سفير دولة الكويت الشقيقة محمد الدويخ، الذي أتى للسفارة مهنئًا، ومودعًا.
في واقع الأمر، كنا نستقبل كتابات من سفراء وإعلاميين ومناكفات حزبية، بأن شغل منصب العمادة روتيني، وينتقل من دولة إلى دولة أخرى تراتبيًا من حيث أقدمية عمل السفير لدى بلد الاعتماد. وهذا كلام منطقي، لكنه غاب عنهم معنى "العمادة" وأهميتها على صعيد العلاقات الثنائية مع جميع الدول التي يرأسها كعميد.. الخ.
للأسف، لم تستثمر الجهات المعنية لدى بلادنا منصب "العمادة" في هذه الأوضاع العصيبة في اليمن خاصة، والمنطقة عامة. وكانت نتيجتها خسارة للسلك الدبلوماسي اليمني، وأية خسارة. وأعتقد أنه بتعيين سفير جديد يعتقدون أنه سيرث "العمادة"، وهذا مستحيل.
من ناحية أخرى، كانت فترة عمل السفير د. محمد مارم خلال أربع سنوات لدى جمهورية مصر العربية الشقيقة، وقبل تعيينه في العمادة، حافلة بالإنجازات المشهودة في شتى المجالات الدبلوماسية، والإعلامية، والثقافية، والطبية، والشؤون القنصلية.
في واقع الأمر، كانت السفارة بقيادته تعمل بكامل طاقتها في مختلف إداراتها، وأقسامها، وملحقياتها، لمواجهة متطلبات العدد الهائل من الوافدين اليمنيين لدى الجهات المعنية في جمهورية مصر العربيةالشقيقة، ناهيك عن الشؤون الأخرى المرتبطة بالعلاقات الثنائية... الخ.
وفي سياق متصل، تحدث مسؤولون مصريون عن السفير د. مارم، في ما يتعلق بتطوير العلاقات الثنائية مع الجهات المعنية المختلفة، وبخاصة في المجالات الاستثمارية والصحية والتعليمية.. ونتيجة للنجاحات التي حققها، لم يسلم من الحساد، والفاسدين، لكنه لم يكن يبالي بتصرفات الآخرين.
وبلا كلل ولا ملل، مثل وطنه خير تمثيل، وكان يقف مع أبناء اليمن بسواسية، ودون تمييز. ومن أمثاله قلما نجد من السفراء من تحمل مشاق العمل في أحلك ظروف شهدتها المنطقة.
بكل صراحة، إني أتحدث عن معرفة بالأخ السفير في المناسبات الرسمية والمقابلات، وكذا من واقع مراسي في العمل الدبلوماسي طيلة 35 عامًا.. الأمر الذي جعلني أصدر حكمي مبنيًا على خبراتي التراكمية في السلك الدبلوماسي. وفي هذا الشأن، تمكنت من عمل دراسة حول "العمل الدبلوماسي اليمني، ومعالجة القصور والإخلالات، وطرق الحل"، وسأقوم بتوزيعها من جديد بعد تحديثها خلال أسبوعين.
مسك الختام، لا يسعنا إلا أن نصحح أخطاءنا في جميع مؤسسات بلادنا، وبخاصة في وزارة الخارجية التي تعتبر مرآة اليمن في سائر أنحاء المعمورة، لمواكبة التطورات في عالم لا يرحم الضعيف... والله ولي التوفيق.

الكلمات الدلالية