صنعاء 19C امطار خفيفة

نهاية المهزلة: من سيُخرج اليمن من جهنم الحمراء؟

وطن تحوّل إلى "شركة حرب محدودة المسؤولية"

في اليمن، الحرب لم تعد معركة على الأرض، بل "استثمار طويل الأجل" لمن يملك القدرة على بيع الألم وشراء الولاء.
الشرعية والحوثي، كلٌّ بطريقته، حوّل البلاد إلى مزرعة مصالح، والشعب إلى وقودٍ مجاني لجهنم لا تنطفئ.
اليمن اليوم لا يحتاج إلى مبعوث جديد ولا لجنة جديدة، بل إلى شخصيات كافرة بالمصالح وشريفة في الموقف، تحاور باسم الشعب لا باسم الحسابات البنكية.

الحوار الحقيقي لا يُدار من الفنادق ولا من الكهوف

كل الحوارات السابقة سقطت لأن من جلسوا حول الطاولة لم يكونوا يمثلون الوطن، بل يمثلون أرباحهم.
الشرعية دخلت المفاوضات بـ"حقائب الامتيازات"، والحوثي بـ"شعار الصرخة" كتصريح عبور.
أما الشعب، فدخل الحصار والجوع بلا تصريح ولا نصيب.
الحلّ بسيط:
أن يختار الشعب من بينه من يتحدث بضمير، وأن يختار الحوثي من بينه من لا يعيش على استمرار النار.
لا مقاتلين سابقين، ولا مرتزقة حاليين، بل عقلاء غير ملوثين برائحة الدم ولا مدفوعين براتب الحرب.

البعد النفسي: كسر عقدة الخوف

اليمنيون اليوم يعانون من صدمة جماعية؛ خوف متراكم من الحرب، من الجوع، ومن الغد.
ولهذا لم يعد الشعب يثق في أحد، لا في حكومة الشرعية ولا في سلطة الحوثي.
الخطوة الأولى لأي حوار ناجح هي إعادة ترميم النفس اليمنية: مصالحة حقيقية، اعتراف بالألم، وعدالة انتقالية، لا صور تذكارية في مؤتمرات الفنادق.

البعد الاقتصادي: من يسرق الجوعى؟

اقتصاد الحرب في اليمن بات أقوى من أي بنك مركزي.
النفط يُهرب، المساعدات تُباع، والرواتب تُحوَّل إلى "مكافآت ولاء".
لا يمكن لبلد أن يعيش واللصوص هم وزراء اقتصاده.
ولذلك يجب أن يكون أي اتفاق سلام مشروطًا بتجفيف منابع الثراء من الجوع، ومحاسبة كل من استخدم الجوع سلاحًا سياسيًا.

البعد العسكري: بندقية بلا ضمير

لم يعد السلاح في اليمن للدفاع، بل للبقاء.
الجماعات المسلحة أصبحت مؤسسات لها رواتب وموازنات،
وكل طرف يقدّس سلاحه أكثر من حياة الناس.
لذلك، لا بد من تحويل القوة إلى قانون، والبندقية إلى مؤسسة،
وأن تبدأ عملية دمج وإعادة تأهيل حقيقية بعيدًا عن شعارات "النصر الإلهي" و"الشرعية المباركة".

البعد السياسي والدبلوماسي: لا حلول مستوردة

كفانا وسطاء يتحدّثون عن اليمن من العواصم المجاورة!
الحل لن يولد في جنيف أو مسقط أو الرياض، بل في تعز وصعدة وعدن.
الدبلوماسية الحقيقية هي التي تبدأ من الداخل، لا من المكاتب المكيفة.
على الإقليم أن يكون ضامنًا لا متدخلاً، وعلى الأمم المتحدة أن تراقب لا أن تُؤرشف.

خريطة طريق واقعية

1. وقف فوري لإطلاق النار بإشراف إقليمي ودولي حقيقي.
2. تشكيل لجنة وطنية من شخصيات مستقلة مشهود لها بالنزاهة من كل المحافظات.
3. حوار مباشر بين ممثلي هذه اللجنة والحوثي، بعيدًا عن الوسطاء المنتفعين.
4. خطة إنعاش اقتصادي عاجلة، تُشرف عليها لجان شفافية مستقلة.
5. إعداد انتخابات ودستور انتقالي خلال 18 شهرًا بإشراف أممي.

الخاتمة: حين يتحدث الشرفاء يصمت تجار الحرب

لن يخرج اليمن من جهنم الحمراء إلا عندما يتفق الشرفاء لا المنتفعون،
حين يتحدث الوطني لا الممول،
وحين يتحوّل الحوار من صفقة إلى ضمير.
اليمن لا يحتاج معجزة... بل يحتاج إلى قليل من الصدق وكثير من الشجاعة.
وآن أوان أن يُكتب على بوابة صنعاء وعدن وتعز:
"كفى عبثًا... الوطن ليس غنيمة، بل أمانة".

الكلمات الدلالية