صنعاء 19C امطار خفيفة

الصراع في اليمن صراع بين مشروعين

ما يجري في اليمن هو صراع بين مشروعين، واتخذ طابعًا دمويًا، مشروع طائفي جهوي قبلي تمتد جذوره إلى عصر ما قبل الإسلام، وهو العصر الجاهلي، والمتمثل بإثارة العصبيات القبلية والجهوية، ويهدف إلى الاستيلاء على السلطة والثروة والتحكم بهما ومركزتهما، ونهب الثروة دون المساهمة في إنتاجها، ومشروع مدني سياسي يسعى إلى إقامة دولة القانون -الدولة المدنية الاتحادية التي تهدف إلى توزيع السلطة والثروة بالعدل، وتحقيق الفرص المتساوية في التنمية والنمو في جميع مناطق اليمن، واستفادة جميع اليمنيين من خيرات هذه البلاد.

وفي إطار المشروع الأخير، هناك قوى سياسية مستفيدة كثيرة، وهم يمثلون أغلبية المجتمع، ولكن حماسهم لهذا المشروع متفاوت ومتخاذل، فبعضهم يرون مصالحهم في المركزة، لأنهم لا يستطيعون المنافسة، وبعضهم استمرأوا العبودية، ويرون بأن مصالحهم العاجلة تكمن في مشروع المركزة، لا سيما وأنهم قد استفادوا من الإثراء اللامشروع ونهب الأموال العامة دون المساهمة في إنتاجها، وانغمسوا في الفساد حتى آذانهم، ومنهم المرتشون وتجار التهريب ومهربو المخدرات والعاملون في بلاط عفاش.
والأرضية الفكرية للمشروع المدني تتمثل في مخرجات الحوار الوطني، ومن أجل تحقيق هذا المشروع لا ينبغي أن نتجنب تعرية كل مشروع بحجة انكسار بيضة المشروع الوطني، بل ينبغي أن نعريه ونضع المعالجات له من أجل مستقبل الجميع ومستقبل اليمن عمومًا شعبًا وأرضًا، ويكفي نفاقًا سياسيًا، لأنه يؤدي إلى إهالة التراب على المشاكل الوطنية دون معالجتها معالجة جذرية تؤدي إلى استئصالها.
وعلى هذا الأساس ينبغي أن تكون آفاق التسوية السياسية في اليمن قائمة على الصراحة، وعلى ما خرج به مؤتمر الحوار الوطني دون غيره، لأنه على المدى البعيد سيجد أصحاب المشروع الأول أنهم سيستفيدون من الدولة المدنية كما استفادوا أكثر من غيرهم من ثورة الـ26 من سبتمبر، وهم الذين قاوموها بحجة أنها ستجردهم من مصالحهم.

الكلمات الدلالية