صنعاء 19C امطار خفيفة

الرهان على حكم اليمنيين بالقمع والعنف رهان خاسر

العودي يتوسط العلفي وأنور شعب

اعتقال المفكر الكبير، ومناضل السلام الشجاع، الدكتور حمود العودي ورفاقه (عبدالرحمن العلفي وأنور شعب) في صنعاء، أمس، أدهش اليمنيين، وأعادهم إلى استرجاع ضروري لتاريخهم المعاصر بمحطاته المختلفة، وإلى مربّع الأسئلة الكبرى حول شرعية الحكم والحريات ومستقبل اليمن.

وسواء تم الإفراج عن الدكتور ورفاقه (وهو ما نتمناه عاجلًا) أم استمر احتجازهم غير القانوني وغير الإنساني رغم ظروفهم الصحية، فلن يغيّر ذلك من قناعة اليمنيين المتزايدة بأن العنف المفرط والترهيب قد يمنح أية جماعة أو سلطة سيطرة قسرية على الأرض، لكنه لا يمنحها شرعية حكم، لا اليوم ولا غدًا أو بعد غد.

فالحكم، كما علّمنا الدكتور العودي نفسه، لا يقوم على الخوف والترهيب، بل على القبول والرضا الشعبي، فمن منظور علم الاجتماع السياسي، لا تستقرّ أي سلطة إلا بثلاثة أعمدة رئيسية: الشرعية السياسية، والمؤسسات الفاعلة، والقبول الاجتماعي. أما حين تُبنى على القهر والإذلال، فإنها تتحول إلى سلطة استبداد مؤقتة، تُراكم حولها الغضب الشعبي حتى تنفجر.

لقد أدرك اليمنيون عبر تاريخهم أن القوة قد تفرض سلطة، لكنها لا تخلق دولة ولا تشرع لحكم، فالدولة الحقيقية هي التي تُحكم بالعقد الاجتماعي، لا بالتخويف والقمع، فالعنف مهما طال يهدم أسس الثقة ويقضي على فكرة الدولة نفسها.

إنّ الرهان على حكم اليمنيين بالقمع المستمر والعنف المنفلت والتضليل، هو رهان خاسر ومعيب، لأنّ الشعب بكل فئاته لن يقف مكتوف الأيدي تجاه الممارسات التي تقوم على ترهيبه وتكميم أفواه وتهميش حقوقه ومصالحه الوطنية. هي مسألة وقت لا أكثر.

الدكتور حمود من أبرز دعاة السلام في اليمن، ويخطئ من يظنّ أن النضال من أجل السلام طريق سهل أو ترف فكري.

فالسلام في جوهره مواجهة شجاعة لقوى الحرب ومصالحها، وهو الطريق الوحيد لإنقاذ اليمن من دوامة الكراهية والانهيار، ولإعادة بناء الدولة على أسس المشاركة، والعدالة، واحترام الحقوق والحريات.

إنّ اعتقال الدكتور العودي لا يضعف دعوة السلام، بل يؤكد ضرورتها، لأنّ السلام ليس استسلامًا كما يحب أن يصفه البعض، بل أعلى أشكال الشجاعة السياسية والأخلاقية.

الحرية للدكتور حمود العودي ورفاقه، ولكل المعتقلين والمختطفين في سجون القمع، ولتبقَ راية السلام مرفوعة مادام في اليمن أحرار يؤمنون بأن الحكم القائم على العنف والترهيب زائل، وأن العدل هو وحده الذي يدوم.

الكلمات الدلالية