صنعاء 19C امطار خفيفة

طريق الحريق

طريق الحرير وطريق الحريق مجرد تشابه ممتنع في الشكل والجوهر، فما الرابط بين الحرير والحريق سوى شرارة نار يشعلها مفترٍ هنا أو مختلّ هناك، ليحول دون حدوث تغير جوهري على الأرض، سياسةً واقتصاداً، يولده مشروع بحجم طريق الحرير، من خلاله تعيد الصين الصديقة هندسة روابط طرق التجارة والتواصل والتنمية ضمن شبكة عولمية متبادلة المصالح، بين المركز الممول والمواقع التي تشكّل ـ بمواقعها الممتازة ـ همزة وصل لمصالح متشابكة مشتركة، يجري تطويرها لتصير ضمن معالم عالم جديد.

هنا كانت بلادنا، بموقعها الجيوسياسي وهيمنتها على أحد المنافذ الدولية، باب المندب، الذي تترجمه القراءات الاقتصادية للقوى التي تتوافر لديها مفاتيح إعادة صياغة خرائط ومواقع وموانئ التجارة والتبادل الدولي. واليمن، بلدنا الحزين، المكتوي بنيران الحرب والخلافات والصراعات التي لا تؤسس لكنها تهدم، تحوّل وتدمّر ما لدى الموقع من مزايا يقرأها العالم بعيون فاحصة أكثر من عيوننا التي أصابها ـ للأسف ـ بعض الرمد، ونأمل أن نتمكن من سرعة محاصرة تمدد هذا الرمد خشية فقدان الرؤية التي تبين أين تكمن مصلحة البلاد، وقوة ومكانة موقعها ومواردها، لتكن ضمن جواهر طريق الحرير، ولا نتمنى أن تصير مجرد مقلب لبقايا حريق، جزء تشعله خلافاتنا وجزء تشعله قوى أخرى يهمها انكماش وتضاؤل دور ومساهمة موقعنا وقدراتنا الاقتصادية والبشرية، لتكن ضمن الجهود المتاحة دولياً التي من خلالها يُعاد صياغة خرائط التأثير الاقتصادي.
وبلادنا تمتلك في هذا المضمار موقعاً وإمكانات، وأعين كثيرة تريد اختطاف هذه المزايا طالما ظل أصحابها عنها غافلين. لنا أمل كبير ألا تطول غفلتنا، فالوقت وصياغة المصالح الدولية لا ينتظران من لا يهتم بمصالحه.
هنا أتوقف قليلاً لأتحدث بأمل وتساؤل، كلاهما مهم:
الأول يتعلق بما يجري وجرى داخل المخا من تطوير للبنية التحتية، من تطوير وفتح لمطار المخا، ضمن محور بات يُعرف بالساحل الغربي، أي ساحل تهامة كما نعرفه وكما سيظل. ما جرى ويجري من تطوير ندعمه، خاصة إن كان بموارد وقوى وطنية، ونشد على أيادي من نفذوه، مؤكدين على أمر هام واستراتيجي خادمٍ لمستقبل بلدٍ بكامله، يرتبط بمصالح وطنية تطور كل إمكانات اليمن البحرية: جُزُراً وموانئ ومدناً، وفي البدء إعادة ربط محور المخا بكلٍّ من مدينتي عدن ـ كميناء تاريخي يمتلك كافة عناصر المنافسة ـ ومدينة وميناء الحديدة، فالحديدة لن تظل تحت سيطرة قوى الانقلاب.
إضافة إلى ذلك، ضرورة ربط تطوير المخا مع محيطها وعمقها الإستراتيجي، مدينة تعز.
هنا أتوقف لحظة للإشارة لأمرين مهمين مرتبطين بما تشهده المخا من تطورات:
الأول، عرض جمهورية الصين الصديقة ربط موانئ الشريط الساحلي لليمن بخط سكك حديدية ضمن آفاق مستقبلية، وهو أمر نأمله ونأمل أن يتضمن أيضاً ربطاً للبلد كله.
الأمر الثاني، نحرص تمام الحرص على قضية وطنية بالأساس، ترتبط بالحرص الكامل والمبدئي بأن مزايا وتنافسية ميناء عدن ومطارها الدوليين لهما مكانة تاريخية وتنافسية يفترض ألا تغيب عن الذهن، حيث يشكّل تطوير موانئ البلاد ـ التي تتوافر لها بحكم الموقع والتنافسية ـ أن تحتل سلم الأولويات وفق أي خطط ذات طابع استراتيجي مستقبلي.
نأمل كامل النجاح لما يجري من تطوير لمدينة المخا، على أن يكون ضمن رؤية وطنية، وهو ما نأمله ونعتقده ولا نشك فيه.

الكلمات الدلالية