صنعاء 19C امطار خفيفة

مصر... العبور

مصر... العبور
المتحف المصري الكبير

يا ساكنًا قلب تاريخ بعيد، يا من لك في تلاوين الزمان والمكان معرفةٌ وعلمٌ مبين، هل رأيت عناقيد مصر العبور في حفل افتتاح متحفها الكبير؟ إنه بمثابة عبور المكان والزمان، تلك آية من أمن إيمان مصر التي رتلت قول رحمنٍ رحيم: ادخلوها إن شاء الله آمنين.

هي الخلود، هي العبور، هي طور سينين، هي السد العالي يعانق الماء ويحْضُن الأرض كريما.

هو النيل قوة، قول مصر مدى التاريخ قولٌ مبين، حضارة آلاف السنين.

غرّدت ليلة أمس أثناء حفل الافتتاح لمتحفها الكبير بلابلها شدوًا، أصغت لها الآذان، وفتحت لها أنظار العالمين. إنه متحف الدنيا، حاملاً بين جنباته إرثًا بديعًا جميلاً، وتاريخًا عظيمًا، بريقه غطّى المسافات بين القلوب.

قالت على ألسنة التاريخ: ها هي الأهرامات صامدة، معابد تتلى بجدرانها تلاوات، ولها بين المعابد أصوات تردد قول من مرّوا حقب التاريخ، يرددون قول محمد، وترانيم يسوع.

مصر العبور عبرت إلى القلوب، تخاطب العقول. هنا النيل يفيض إبداعًا وجمالًا، جمال حضارة ما لها في الكون مثيل، فريدة بقلبها طور سينين، يوم صدّت منذ فجر تاريخ بعيد من حاولوا عبور عينيها. عيناها زرقاء اليمامة، صدّت ببراعة مصر فلول المعتدين.

هبة النيل مصر، حافظة التاريخ، لحنها لحنٌ فريد، غنّته سيدة الطرب الجميل، وردّده سيد درويش، فنان مصر الكبير.

يوم العبور الجديد يوم افتتحت مصر شعبًا وقائدًا وعمالًا وفلاحين وأساتذة كبارًا عظامًا. قال مجدي يعقوب: "هنا مصر تعبر من جديد". تلك معجزة بهية الكون، مصر البهية تطلق للعالم فتحًا جديدًا.

متحفًا تزوره، ترى فيه الكون تاريخًا يعود سطورًا وحروفًا وصورًا لتاريخ بنته أيادٍ من معدنٍ ثمين. وجوهٌ بها نضارة الفرح الخارج من حويصلات ذهبها الأبيض، ألحان أصواتٍ صقل الرحمن حناجرها، غنّت فأسمعت عالمًا تصرعه الحروب والصراعات، فإذا بالنيل يفيض حضارةً وصوتًا جميلًا.

كفى حروبًا، تعيش غزة بين أكناف القلوب، لا هجرة، لا تهجير. "قوية"، قالها أبو الهول متجليًا في عرض افتتاح المتحف المصري الجديد، إنجازًا للقادمين إلى وادي السكينة والسلام.

مصر العطاء أبهرت، أنجزت، أعادت روح تاريخ يلامس وجدان مشاعر كل روحٍ تعبر حاجز الخوف إلى حياض نهر النيل، عطاءً بالمحبة دوماً يفيض.

يا لها من ليلة من ليالي الدهر، عبر العالم، عبر فعالية المتحف المصري الكبير لواحة أبهى. فإذا العالم منبهر، وإذا اللحن من أرض مصر جاء عطاءً لامس كل القلوب، وإذا بقائد الأوركسترا، رئيسها، يلقي على الجمع من شرفوا حفل الافتتاح كلمة تعبّر عن عطاء مصر وعبقرية المكان والزمان، المفهوم الذي اكتشفه عالم مصر الكبير جمال حمدان، العبقري ضمن فيلق عباقرةٍ وفنانين وفنانات، رهطٍ كبيرٍ من أبناء شعب مصر العزيز صنعوا، تحدّوا التحديات، أنجزوا هرمًا رابعًا جديدًا يشير لمن حضر، لمن شاهد، لمن سمع: هنا مصر مفتتح التاريخ، هنا بُني وما زال يُبنى عاملُها وفلاحُها، إعجاز ماضٍ، وإنجاز حاضر.

وتلك رسالة مصر على مر العصور، عند التحدي تبهر الكون، هكذا كانت وهكذا ستظل على مر الأيام والسنين.

هي ليلة من ليالي العمر، هي حفلة افتتاح لإنجازٍ عظيم تتحدى به مصر كل التحديات.

لمصر، شعبًا وقيادةً، نرفع القبعات، تحيةً لشعبٍ صانعٍ للمجد، تلك رسالة شعبها، رسالة نيلها، لن تطاله ولن تمسه براغيثُ باعٍ معتدٍ أثيم.

تحية لمصر من قلوب أهل اليمن على هذا الإنجاز الكبير.

الكلمات الدلالية