عن البركاني وسلطات الدولة اليمنية المنقسمة
عجيب إصرار قادة طرفي الصراع على حكم اليمن، الذين يتمركز أحدهما في صعدة أو صنعاء بعد فرض سيطرته عليها بالقوة، بينما يتخذ الطرف الثاني من عدن عاصمته المؤقتة رغم عدم استقراره فيها.
إصرار كلٍّ منهما على اعتبار أنه يمثل اليمن أو الدولة اليمنية، رغم يقينهما بانقسام الدولة وسلطاتها، وأن كلاً منهما يواجه مشكلة بخصوص شرعيته، وإن حظي أحدهما باعتراف المجتمع الدولي بشرعيته بفضل تحالف دعم الشرعية، وأن عليه أولاً أن يحسم الصراع مع الطرف الثاني وداعميه أو من يقف خلفه إقليميًا ودوليًا، ويعيد للدولة اليمنية روحها وجسدها ومؤسساتها الواحدة، ليتغنى بتمثيله أو بحق تمثيله لها!!

وسط هذا الانقسام يخرج علينا سلطان البركاني، رئيس أحد قسمي أو شطري مجلس نواب اليمن، الذين تم انتخابهم جميعًا قبل أكثر من عشرين عامًا، وظلوا موحدين حتى عام 2015 عندما شتتهم الصراع على الحكم، ثم الحرب التي أخطأوا في تقدير خطورة استمرارها، وحولتهم إلى أكثر من فريق، حتى أعلن هو وأعضاء مجموعته المنتشرين خارج اليمن، وتم تجميعهم في سيئون – بدعم وتمويل من تحالف دعم الشرعية – أنهم أصحاب الحق الشرعي في تمثيل مجلس نواب اليمن، معتبرين زملاءهم الصامدين داخل اليمن، أعضاء الجزء أو الشطر الثاني، "انقلابيين" أو داعمين للانقلابيين الحوثيين (سلطة الأمر الواقع في صنعاء)!!!
خرج علينا البركاني ليكشف حقيقة أو السبب الذي منعه ويمنعه هو ومجموعته من الانعقاد، سواء في سيئون – عقب التأم شملهم وانتخابه رئيسًا لهم – أو عدن، عندما تم نقلهم إلى المدينة للمصادقة على اختيار أو تعيين مجلس القيادة الرئاسي، كما وعد اليمنيين أو تعهد لهم في المناسبتين في المدينتين، وممارسة مهامه الرقابية والتشريعية!!!
وإذا صح ما قاله البركاني، فسيكون ذلك بمثابة "عذرٍ" أقبح من الذنب الذي ارتكبه هو وزملاؤه أعضاء مجلس النواب المنتخبون، أصحاب التفويض الحقيقي من الشعب – سواء من صمدوا في الداخل أو غادروا اليمن – (ممثلو السلطة التشريعية)، عندما سمحوا لمهندسي أو مؤججي الصراع على الحكم والحرب – الذي لم يكونوا طرفًا فيه منذ اندلاعه خلال أحداث صيف 2014 – أن يجرّوهم خلفهم ويفقدونهم قوة التفويض الممنوح لهم من الشعب، ثم يحولونهم إلى مجرد موظفين أو تابعين لمن سيدفع لهم مرتباتهم ومخصصاتهم المالية وبدل علاجهم!!
اليوم يصرّح البركاني أن هناك من أعاق أو منع عقد جلسات مجلسه، ويقرر أن يلتقي بهم افتراضيًا عبر الشبكة العنكبوتية، في محاولة لإقناع ناخبيه وناخبي زملائه بأنهم ما يزالون قادرين على تمثيل مصالحهم ومصالح الشعب اليمني!!
محاولة يائسة بالتأكيد – كما يرى مراقبون – تمنّوا عليه وعلى زملائه المنتشرين في الخارج أو الصامدين في الداخل، لو أنهم تبنّوا زمام المبادرة منذ البداية، ووضعوا حدًّا لتفاقم الأزمة منذ بدايتها، مستندين إلى التفويض الشعبي والحصانة التي يتمتعون بها، وأن لا ينجرّوا إلى صراع لا ناقة للشعب (من انتخبهم وحمّلهم أمانة المسؤولية) ولا جمل لهم فيه!!!
فهل يفعلها البركاني وزملاؤه في الخارج والداخل، وينتزعون، بل ويكونون أصحاب القرار الفعلي، ويضعون حدًّا لانقسام الدولة اليمنية والمجتمع اليمني، عوضًا عن انتظار من لا يتمتعون بتفويض شعبي ولم ينتخبهم الشعب ليفعلوا به ما فعلوا ويفعلون به منذ أحداث صيف 2014؟؟
هل حقًا يمكنهم أن يحققوا معجزة ويحوّلوا حلم اليمنيين إلى حقيقة؟؟