الحديدة.. موسم جديد من النهب برعاية الحوثيين
لم تعد مزارع الحديدة تعرف معنى الحصاد. فالأرض التي كانت تنبت الذرة والموز والمانجو باتت اليوم تنبت خوفًا. فخلال الأيام الماضية، داهمت جماعة الحوثي مديريات التحيتا وزبيد والجراحي جنوبي المحافظة في حملة عسكرية عريضة حملت السلاح والخراب معًا واستهدفت المزارعين قبل أن تستهدف الأرض.
مصادر محلية تحدثت عن تعزيزات كبيرة دفعت بها الجماعة نحو مناطق الفازة والجبلية ووادي زبيد، حيث نصبت مواقع جديدة داخل المزارع، وأحاطت القرى بحلقات من المقاتلين، كأنها تعلن حربًا ضد الفلاحين.
وفي التفاصيل التي يرويها شهود العيان، اقتحم المسلحون المزارع والمنازل وحظائر المواشي، وصادروا ما استطاعوا حمله، وأتلفوا ما تبقى. أكلوا من غلال الناس وذبحوا مواشيهم، وكأن الحرب لم تعد بحاجة إلى سبب سوى الجوع والسلطة. الأهالي شبّهوا ما حدث بممارسات المستوطنين الإسرائيليين، حين يتحول المحتل إلى مالك، والأرض إلى غنيمة.
المزارعون أُجبروا على مغادرة أراضيهم تحت التهديد، لتبقى الحقول خاوية، والآبار صامتة، والريف بلا حياة. توقفت الأنشطة الزراعية بالكامل تقريبًا، وتحول الوادي الأخضر إلى مسرح عسكري.
ولضمان سيطرتهم أقامت الجماعة نقاط تفتيش جديدة، وزرعت قناصين فوق المرتفعات، وفرضت طوقًا أمنيًا حول القرى المحاصَرة. في تلك الأجواء الثقيلة، نزحت عشرات الأسر بحثًا عن الأمان، بينما ظلّت أصوات الأطفال والماشية تمتزج بوقع الخطى العسكرية.
تقود هذه الحملة، وفق مصادر ميدانية، شخصية حوثية بارزة تُدعى عبدالله العزي، المكنى “أبو القاسم”، الذي شغل سابقًا موقع قائد ما يُسمى بـ"محور الساحل"، ويُعرف بصلاته المباشرة بقيادات الجماعة المرتبطة بالنظام الإيراني.
وبينما تصف الجماعة تحركاتها بأنها “إجراءات أمنية”، يرى الأهالي والمراقبون أنها فصل جديد من سياسة التجويع والسيطرة، حيث تُحرق الأرض أولًا ليولد الولاء بعدها من تحت الرماد.