صنعاء 19C امطار خفيفة

الإصلاح والإخوان يحمّلون الحوثي المأساة التي صنعوها بأيديهم

الإصلاح وجماعة الإخوان المسلمين في اليمن يسعون منذ سنوات إلى تحميل الحوثيين وحدهم مسؤولية كل ما حل باليمن من مآسٍ وانقسامات، وكأنهم لم يكونوا طرفًا رئيسيًا في مشهد الخراب السياسي والعسكري الذي أوصل البلاد إلى هذا الحال. إنهم يختبئون وراء خطاب المظلومية الوطنية، ويتحدثون عن استعادة الدولة، بينما هم من قوضوا مؤسساتها منذ تسعينيات القرن الماضي حين زرعوا الولاءات داخل الجيش والأمن والتعليم، واستغلوا الدين لبناء نفوذ حزبي ضيق لا يعترف بغيره.

لا يمكن إنكار أن الحوثيين ارتكبوا أخطاء جسيمة، وأسهموا في إطالة أمد الحرب ومعاناة اليمنيين، لكن تجاهل دور الإصلاح في تغذية الصراع وتحويله إلى أداة لتصفية الخصوم، يجعل الصورة مبتورة. الإصلاح خلال السنوات الماضية استغل التحالف العربي لفرض هيمنته على القرار اليمني، وسعى إلى الاستحواذ على المناصب والموارد، بينما كانت جبهاته تتهاوى الواحدة تلو الأخرى، نتيجة الخيانة والانقسام.

إن حزب الإصلاح لم يكن يومًا مشروع دولة، بل مشروع سلطة دينية تستخدم الشعارات الثورية والديمقراطية كواجهة لتحقيق مكاسب سياسية ضيقة، فهو الحزب الذي تحالف مع القاعدة في أكثر من جبهة، وسمح بتغلغل التطرف في المناطق المحررة، حتى باتت صورة الدولة اليمنية مشوهة أمام العالم، وأصبح المواطن البسيط يدفع ثمن تناقضاتهم وخياناتهم وتحالفاتهم المشبوهة.

اليوم لا يختلف الإصلاح عن الحوثيين في شيء، فكلاهما يحتكر الحقيقة، ويستند إلى تبرير ديني ليبرر سيطرته، ويغلق الباب أمام أي مشروع وطني جامع. الإصلاح يمارس الإقصاء باسم الشرعية، كما يمارس الحوثي القمع باسم الدفاع عن الوطن. وبين الاثنين ضاعت الدولة، وتبددت مؤسساتها، ونهبت ثرواتها، وتراجع اليمن إلى أسوأ حالاته.

ولعل أخطر ما يفعله الإصلاح الآن أنه يسعى لإعادة إنتاج نفسه كمنقذ وطني، في حين أنه لايزال يمسك بمفاصل القرار في بعض المناطق، ويعرقل أية تسوية سياسية لا تضمن بقاء نفوذه. فإذا كان الحوثيون قد أخطأوا في حمل السلاح والانقلاب على الدولة، فإن الإصلاح أخطأ في خيانة الدولة من داخلها، وهذه الخيانة كانت ولاتزال السبب الأعمق في استمرار مأساة اليمنيين.

الكلمات الدلالية