تطورات سياسية شائكة في منطقة الشرق الاوسط
شهدت الأمم المتحدة خلال الفترة 22‐29 سبتمببر 2025م، حراكًا دبلوماسيًا وسياسيًا على هامش انعقاد الدورة الاعتيادية الـ80 للأمم المتحدة. وقد تم طرح قضايا المنطقة، والسعي لإنقاذ الأوضاع قبل استفحالها. وحسنًا، بذلت الدول العربية والإسلامية كل جهودها باتجاه توحيد كلمتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي اللقاء الثنائي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بهدف وقف الحرب في غزة وحل الدولتين.
حقيقة الأمر، إن ما نشهده ليس سوى الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة وتجريف الضفة الغربية، ومحاولة تدمير القدس الشرقية وتهويدها.
ومن جهة أخرى، عقدت اجتماعات بين إيران والترويكا الأوروبية (فرنسا، بريطانيا، وألمانيا)، وأسفرت عن خبر مزعج لإيران بتفعيل "آلية الزناد" الرامية إلى إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، بذريعة عدم التزامها بوقف تخصيب اليورانيوم، والامتثال لتفتيش وكالة الطاقة النووية، والتفاوض بخصوص المسيرات والصواريخ الباليستية الطويلة المدى... الخ.
وجاء الرد الإيراني شديد اللهجة، بأن الولايات المتحدة الأمريكية خانت الدبلوماسية، والترويكا دفنتها، والسعي لابتزاز إيران. واستدعت إيران سفراءها من فرنسا وبريطانيا وألمانيا. كما أنها ستتخذ إجراءاتها المناسبة للتصدي لأي هجوم على أراضيها، والعمل على توحيد قدراتها لمواجهة العقوبات الدولية.
وهناك قضايا شائكة أخرى مثل: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا واحتلالها للجولان وجبل الشيخ، وكذا الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان واحتلال مواقع في الجنوب، فضلًا عن المشاكل الداخلية بين الحكومة اللبنانية و"حزب الله" برفضه تسليم سلاحه للحكومة. ورد السيد نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، "إن الحزب لن يترك الساح، ولن يتخلى عن السلاح، صححوا يا حكومة هذه الخطيئة". وقد اتهمها في وقت سابق بالرضوخ للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وأن قرارها خطيئة وغير ميثاقي. ولوح بمعركة كربلائية، ويعني بمعركة لآخر فارس في الميدان.
وعلى صعيد آخر، دارت اجتماعات أخرى في الأمم المتحدة، شملت ما يلي:
أولًا: اجتماع حل الدولتين بحضور مكثف لقادة دول العالم في مقر الأمم المتحدة.
ناقش المؤتمر برعاية المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، يوم 22 سبتمبر 2025م، على هامش الدورة الاعتيادية الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، وتنفيذ حل الدولتين: فلسطينية وإسرائيلية تعيشان جنبًا إلى جنب بأمن وسلام.. وأسفر الاجتماع عن اعتماد "إعلان نيويورك" بشأن "حل الدولتين"، والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، إذ حظي بتأييد دولي وواسع، تمثل بتصويت 142 دولة من ضمنها 4 دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، من مجموع أعضاء الأمم المتحدة الـ193 دولة.
ثانيًا: اجتماع الدول العربية والإسلامية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
قدم قادة ومسؤلو الدول العربية والإسلامية، إبان الاجتماع، المسائل المتعلقة بالإبادة الجماعية التي يمارسها العدو الإسرائيلي يوميًا على قطاع غزة، والاعتداءات المستمرة على سوريا ولبنان، وأخيرًا على قطر الوسيطة مع مصر لوقف الحرب في غزة، ومن بين المسائل المطروحة الاعتراف بحل الدولتين. وقد جاءت الردود إيجابية من قبل الرئيس دونالد ترامب، لا سيما وأنه قد جهز حلولًا تشمل 21 بندًا بشأن قطاع غزة وإقامة دولة فلسطينية، وتشكيل مجلس إدارة لحفظ السلام برئاسته خلال الفترة الانتقالية، وعضوية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، وبعض الشخصيات.
ثالثًا: اجتماع الرئيس دونالد ترامب برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لمناقشة البنود الـ21 المقترحة، والبيان الصحفي للاجتماع.
عمومًا، وافق نتنياهو، رغم تحفظه على 6 بنود، من ضمنها إجراءات الوضع النهائي لإقامة دولة فلسطينية. وفي هذا الشأن جرت تفاهمات بين الجانبين أدت إلى إقناعه.
من جهة أخرى، ألقى نتنياهو كلمة إسرائيل في الجمعية للأمم المتحدة وسط انسحاب كثير من وفود الدول، وأخذ يرغي ويزبد، ويهدد ويتوعد، بأنه لن يوافق على دولة إرهابية بجانب دولة إسرائيل. وأثنى على الرئيس ترامب بأنه أعظم صديق لإسرائيل.
وأهم ما يكون -حسب قوله- هو تفكيك قدرة حماس العسكرية، وضمان ألا تشكل "غزة" تهديدًا لإسرائيل مستقبلًا. وستبدأ إسرائيل بانسحاب متواضع في المرحلة التالية، يترافق مع سحب سلاح حماس، وستحتفظ بالنواحي الأمنية على المدى المنظور في غزة. ويجب على السلطة الفلسطينية إصلاح المناهج الدراسية، والاعتراف بالدولة الإسرائيلية. وإن هذا الاتفاق بداية جيدة ليس فقط لـ"غزة"، بل للمنطقة بأسرها.
وفي السياق نفسه، أوضح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في المؤتمر الصحفي، أن إسرائيل لن تحتل غزة أو تضمها، وأن أميركا ستطلق حوارًا بين إسرائيل وفلسطين.. وأكد من جديد إنشاء مجلس إدارة يعنى بالسلام، يرأسه بنفسه، وعضوية بعض الشخصيات في مقدمتهم توني بلير... والتوجيه بإدخال المساعدات فورًا إلى غزة.
جوهر القول، إن البنود الـ21 المقدمة من الرئيس ترامب، لإقامة دولة فلسطينية، تحتاج إلى صبر لتنفيذ تلك البنود التي قد تستغرق وقتًا طويلًا ربما يتجاوز ولاية الرئيس ترامب. والأهم من ذلك، يجب توحيد الصف الفلسطيني، وتنفيذ الخطوات اللازمة لإقامة الدولة الفلسطينية، بالتعاون والتنسيق مع الدول العربية. والله ولي التوفيق.