صنعاء 19C امطار خفيفة

القانون وتوثيق الأدلة هو مفتاح العدالة وصيانة الحقوق لتعز

إن الفاجعة التي ضربت قلب تعز، وتحديداً جريمة اغتيال الشهيدة افتهان ليست مجرد حادثة تضاف إلى سجل المدينة ومواطنيها المثقل بالآلام والجراح، لكنها لحظة فاصلة تجبرنا على التوقف عن مجرد البكاء على الأطلال والتحول إلى العمل المنهجي الذي يوصل الى العدالة.

لطالما كانت الوقائع المأساوية المؤلمة في تعز  من إرهاب وخطف واغتيالات وفساد تروى على صفحات التواصل الاجتماعي  حبيسة خانة السرد القصصي والأدب المأساوي. وبيانات الحسابات الحزبية والسياسية.

اليوم يجب أن نرفض هذا المصير ونصر على تحويل كل تلك الاحداث والمآسي إلى وقائع مسنودة  بالادلة القانونية والوثائق المادية والاقوال المسجلة لا تقبل الشك ولا تتيح مجال للمراوغة والهروب.

العدالة في تعز لن تقام بالمهاترات المناطقية والحزبية والسياسية أو من خلال رسائل الكراهية المريضة الفيسبوكية إنها تستوجب بناء ملف قضائي متكامل يغطي عقداً من الجرائم والانتهاكات وهذا يتطلب توثيقاً دقيقاً وممنهجاً لكل حلقة من جرائم الاغتيالات وأبرزها جريمة اغتيال الشهيدة افتهان و التي وثقته بنفسها إلى جرائم الإرهاب والخطف التي سبقتها وصولاً إلى سرقات الأموال العامة وأملاك الدولة وسوء استغلال الوظيفة العامة  والمواقع القيادية والمسؤولة في أجهزة الأمن والقوات المسلحة .. والسلطات الحكومية والمحلية طوال العشر السنوات الماضية...

إن التوثيق لا يهدف فقط إلى محاسبة أداة الجريمة بل يجب أن يمتد ليشمل المخططين والممولين ومن وقف وراءهم بالسكوت والتستر، هذا الشمول هو مفتاح كسر منظومة مجرمي الحرب والفساد التي أعاقت دور السلطة المحلية والأجهزة الأمنية الحكومية وعندما يصبح الدليل شاملاً وموثقاً فإنه يثبت أن هذه الجرائم ليست حوادث منفصلة بل هي جزء من نمط ممنهج لعرقلة الحياة المدنية وإدامة الفوضى.

ولضمان نزاهة ومهنية هذا المسار يبرز امامنا مقترح حكيم  وهو بـ الاستعانة بأجهزة تحقيق متخصصة ومحايدة ربما من خارج نطاق تعز مباشرة على أن تكون تحت الإشراف المباشر لـ فضيلة النائب العام للجمهورية. هذا الإجراء ضروري لضمان الابتعاد عن أي تأثيرات شخصية أو عائلية أو مناطقية ولضخ الكفاءة القانونية التي تجعل الملفات جاهزة للتحقيق والمحاكمة وفق أعلى المعايير القانونية.

إن العمل الذي قامت به الشهيدة افتهان بتوثيق الجريمة التي استهدفتها هو دعوة أخيرة للاستيقاظ. ويجب على المجتمع المدني والناشطين الآن تركيز جهودهم على التنسيق والجمع المنظم لكل المعلومات والوثائق المتاحة حيث ان مهمتهم ليست الرثاء بل التدقيق والتوثيق.

أن العدالة ايها السادة لا تأتي بالبكاء على الأطلال بل تأتي بملف قضائي متكامل لكل ما شهدته محافظة تعز من جرائم وخطف وإرهاب والاغتيالات .

فالعدالة في تعز حق وليس حلماً وهذا الحق لا يستجدى، بل يبنى حجرا حجرا ودليلاً دليلاً في ملف قضائي متين عندها فقط يمكننا أن نودع سرد القصص المؤلمة ونستقبل عصر المساءلة الذي يعاقب القتلة والمجرمين في كل خانات الإجرام.

الكلمات الدلالية