صنعاء 19C امطار خفيفة

عن دعم السعودية لليمن

مرة أخرى تقدم السعودية دعمًا جديدًا للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا منذ 2015 (الشرعية)، والتي تخوض صراعًا مع من يوصفون بالانقلابيين الذين تمكنوا من السيطرة على العاصمة صنعاء خلال ذلك العام، وأرادوا السيطرة على عموم اليمن لولا الحملة الدبلوماسية والعسكرية التي تبناها قادة السعودية، وشكلوا معها ما سمي تحالف دعم الشرعية اليمنية... حملة يقال إن تكلفتها تجاوزت عشرة مليارات دولار أميركي، ومازال تمويلها مستمرًا حتى اليوم، دون حسم الصراع على حكم اليمن!

مرة أخرى يعلن سفير السعودية لدى اليمن (المتواجد هو وفريق عمله خارج اليمن) أنه "بناء على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه اللّٰه- وبناءً على ما رفعه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه اللّٰه- واستمرارًا لدعمها للشعب اليمني الشقيق تقدم المملكة 1,3 مليار ريال سعودي كدعم اقتصادي تنموي جديد لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعادة الإعمار الذي يشرف عليه شخصيًا، ما يعني أنه هو الذي سيقرر مصير هذا الدعم وأين يمكن إنفاقه، في بادرة لم نألفها خلال السنوات الماضية عندما كان الدعم يذهب مباشرة إلى حسابات الحكومة وإلى البنك المركزي في عدن!
ومع تقدير اليمنيين لهذا الدعم، وترحيب المرحبين (رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي وغيرهم ممن يعمل تحت إشرافهم) به، إلا أن الملاحظ أن تصريح السفير محمد آل جابر افترض أن هناك يمنً واحدًا وحكومة واحدة وشعبًا موحدًا... تجاهل السفير آل جابر مجددًا حقيقة أن أحوال اليمن ليست طبيعية، وأن الشعب اليمني يعاني الأمرَّين نتيجة الصراع المستمر على حكمه وحكم اليمن منذ 2014، وأن هناك انقسامًا حادًا في سلطات الدولة اليمنية التي يعلم الجميع أنها واقعة بين فكي كيانين (أو سلطتين) أحدهما يسيطر على مساحة 15% من أرض اليمن يقطنها أكثر من نصف سكان اليمن، والآخر يسيطر -بدعم متواصل من التحالف- على 85% من أرض اليمن يقطنها بضعة ملايين من اليمنيين! تجاهل سعادة السفير المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعادة إعمار اليمن، أن مجلس القيادة الرئاسي والحكومة التي تعمل تحت إشرافه، وإن كانوا معترفًا لهم دوليًا، ويمارسون مهامهم على أنهم يمثلون اليمن واليمنيين، إلا أن الحقيقة المؤكدة أنهم (وبالنظر إلى الأوضاع الراهنة) لا يمثلون كل اليمن، ولا كل اليمنيين، ولا يتحملون مسؤولية إدارة شؤون كل اليمن وكل اليمنيين، بل ولا يظهرون أي اهتمام بمناطق سيطرة (الانقلابيين) أو بمعاناة اليمنيين في هذه المناطق، مكتفين بتحميل "الانقلابيين" مسؤولية ما يحدث في مناطق شمال وجنوب غرب ووسط اليمن (التي يسيطر عليها الانقلابيون)، وبتجاهل معاناة اليمنيين العالقين في هذه المناطق وانتظار معجزة أو أن يحسم المجتمع الدولي الصراع نيابة عنهم، ويمكنهم من استعادة الدولة وتوحيد أراضيها وسلطاتها المنقسمة! وهكذا فإذا اعتبرنا أن استمرار دعم السعودية ماليًا وسياسيًا للحكومة المعترف بها، مسألة حيوية ومرحب بها، فإننا نأمل أن تعمل السعودية على وضع حد للأزمة في اليمن، وإقناع أطراف الصراع بأهمية وضع حد لحالة اللاحرب واللاسلم الراهنة، والتوصل إلى تسوية (عسكرية أو سياسية) تحسم الصراع بحيث يتسنى إعادة توحيد سلطات الدولة المنقسمة، ويتسنى للشعب اليمني استعادة حياته الطبيعية بحلوها ومرها!

الكلمات الدلالية