تعز في مواجهة عش الدبابير
بخسته ونذالته وقذارة فاعليه.. فإن مقتل المغدورة الشهيدة افتهان المشهري، في المشهد المروع بوسط مدينة تعز المسالمة، هذا الفعل الرهيب، الرعيب، رغم فداحته، وسفالته، واستنفاره للرأي العام اليمني، وتحريكه للمياه الآسنة، ورغم ما صاحبه من ضخ إعلامي عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، والمنتديات، والملتقيات، وفي الفضاء المحلي والخارجي...
رغم كل ذلك، لم يحرك البوصلة تجاه شيء واحد له صلة وثيقة.. وله غاية الأهمية في مثل هذه الجرائم البشعة، وإزهاق الأرواح البريئة.
ذلك هو السلاح، أداة القنص، والقتل، والابتزاز، والترويع، والسلب والنهب، وأداة المفصعين، والبلاطجة، ومرتكز المتهبشين.
وهو، إلى ذلك، الركن الركين لاستعراض الورعان والصبية، والمراهقين الفاشلين، والأغبياء، والمنفلتين عن تعاليم الدين، وسلوكيات أسرهم، وعن القوانين والأنظمة والأعراف المجتمعية..
الحد من انتشار السلاح بمنعه هو بيت القصيد لمقالتنا هذه التي نتغيا من خلالها لفت الانتباه إلى الحملة المجتمعية المستهدفة لكشف أوكار الإجرام، والدخول إلى عش الدبابير.
فلولا التمنطق بالسلاح، والاستعراض به، وحمله، وتوسله لهضم وابتزاز ومصادرة، والاستيلاء على حقوق الآخرين وممتلكاتهم، بالتهديد والترويع، وإشهاره في وجه العزل والمستضعفين.
لولا ذلك لما حدثت كل تلك الكوارث، ولما سالت كل تلك الدماء القانية، ولما أزهقت كافة أرواح النساء والأطفال والرجال على يد هؤلاء العتاولة الفاقدين للإنسانية والرجولة، والشهامة والدين والشرف.
كل من حمل على كتفه السلاح، دون مسوغ، في وسط مجتمع مدني، بوسط مدينة مكتظة، آمنة، مستقرة، يكون، بذلك، مشروع قاتل يتحين الفرصة لإطلاق أعيرته المميتة في كل اتجاه، لتصيب من تصيب.
انتشار وحمل السلاح، دون ضوابط، والاستعراض به في المحافل والأسواق والمناسبات، وإطلاق النار بمناسبة، وبغير مناسبة، هو مصدر الشرور كلها، مصدر العنف، مصدر الإرهاب، وهو الأساس الأول لتقويض أركان الدولة المدنية.
قبل أن تذهب وتتشتت الجهود لمناقشة الأعراض الجانببة، والآثار الناتجة، لا بد من التشخيص الدقيق للأسباب الكامنة لأس المرض المستفحل.. بمعالجته، والقضاء على فيروساته، ومسبباته، وقطع دابر الشرور التي ما انفكت تمارس رعبها، وصلفها، وتمارس هوايتها المهلكة في أوساط المجتمع.
منع انتشار السلاح، لا تنظيم حمله، هو المطلب الملح، في هذه الأثناء، بعدكل هذه الجرائم الماحقة، وهي الخطوة الأولى في سلم الارتقاء والعبور إلى رحابة السلم الاجتماعي، وإلى مدارج الأمان والاستقرار.
ومن ثم، كبح جماح المليشيات وأمراء الحرب، وتجارالحروب والقتلة المجرمين.
بمنع انتشار السلاح، ومنع حمله، سيتم تركيب القنطرة، وتجسير الهوة لمجيء وحضور وإعادة الدولة المغيبة.
وبالله التوفيق.