صنعاء 19C امطار خفيفة

من الشعارات إلى التكتيك قراءة في مبادرة اليدومي السياسية

إعلان رئيس حزب الإصلاح محمد اليدومي عن مبادرة الحزب المتمثلة في ميثاق شرف سياسي ودعوة لمصالحة وطنية شاملة وتوحيد التشكيلات العسكرية جاء في لحظة سياسية حساسة يسعى فيها الحزب لإعادة تقديم نفسه كقوة فاعلة في المشهد اليمني وفي مظهره الخارجي تبدو المبادرة خطوة مهمة لكنها تطرح تساؤلات كبيرة حول جدية الحزب وقدرته على تحويلها إلى التزامات حقيقية

لكن الواقع يكشف أن الحزب يعيش حالة من الجمود الداخلي حيث أصبحت قيادته مترهلة وعاجزة عن تجديد نفسها ولم يقم بأي إصلاحات في بنيته التنظيمية والسياسية وظل متمسكاً بخيارات قديمة تفقده القدرة على إقناع الداخل والخارج وتجعله يظهر وكأنه يكرر الخطاب نفسه في كل ذكرى ومناسبة دون أي تغيير فعلي
ومن خلال ممارساته يظهر الإصلاح كحزب تكتيكي يرفع شعار الدولة المدنية والمصالحة الوطنية بينما يسعى عملياً إلى السيطرة على مفاصل الدولة عبر أدواته السياسية والإعلامية وشبكاته الاستثمارية وجمعياته الخيرية كما يحرص على زرع كوادره في كل موقع مؤثر ليضمن حضوره وسيطرته وهو سلوك يتناقض مع ما يعلنه من شعارات
لقد أسهم الحزب في تفتيت المجتمع اليمني عبر تغذية خطاب الكراهية والتحريض ضد فئات بعينها بدلاً من السعي إلى بناء خطاب وطني جامع يساهم في لملمة الصف اليمني وهو بهذا السلوك يكرس دوره كجزء من المشكلة لا كجزء من الحل ويحول مبادراته السياسية إلى مجرد واجهة لإخفاء ممارساته الواقعية
ومن دون إرادة حقيقية لمراجعة الذات والاعتراف بمسؤوليته في جانب كبير من الأزمات لا يمكن لحزب الإصلاح أن يكتسب المصداقية في أي مشروع وطني فالمصالحة الحقيقية تبدأ أولاً من الداخل وإعادة ترتيب البيت الحزبي وإظهار التزام عملي على الأرض وليس الاكتفاء بخطابات المناسبات
وبالمحصلة فإن مبادرة اليدومي تبدو أقرب إلى تكتيك سياسي يسعى من خلاله الحزب إلى إعادة إنتاج صورته أمام الرأي العام لكنها تفتقر إلى الجدية ما لم تتبعها خطوات عملية تثبت أن الحزب قادر على تجاوز صراعات الماضي وأنه يمكن أن يكون جزءاً من الحل بدلاً من تكريس نفسه كجزء من المشكلة.

الكلمات الدلالية