محمد مشعجل .. سفير الأغنية المهرية يترجل

محمد مشجعل
لا يُعرف الكثير عن المطربين والفنانين في محافظة المهرة، البوابة الشرقية لليمن، لكن حين يُذكر اسم محمد مشعجل لا بد أن يُشار إليه بوصفه "سفير الأغنية المهرية" في اليمن والوطن العربي.
فقد كان أول من غنّى باللغة المهرية، إضافة إلى إجادته اللون الظفاري. وخلال فترة التسعينيات، بثّت القناة الأولى في التلفزيون اليمني بصنعاء أغانيه، وهو ما ساعد في انتشارها على مستوى البلاد. وفي مطلع الألفية الثالثة، فتحت له الإذاعة العُمانية أبوابها بعد نجاحه اللافت في مهرجان صلالة وحفلات مسرح المروج بموسم خريف ظفار، فضلاً عن حفلات خاصة في السعودية أسهمت في انتشار صوته خليجيًا.
بدايات لافتة
وُلد محمد بن مشعجل بن عويضان، المعروف بـ "أبو أشجان"، في مدينة الغيضة عام 1976. بدأ مسيرته الفنية في سن مبكرة وهو لا يزال في الصف الثالث الابتدائي بمدرسة خليفة علي مخبال في ضبوت إحدى قرى الغيضة، حيث كان يشدو بالأغاني الوطنية والأناشيد الدينية، ونال إعجاب مدرسيه وتشجيعهم. أصبح النجم الأول في حفلات استقبال الطلاب التي تقام مع بداية كل عام دراسي.
غير أن والده كان يرفض تمامًا دخوله مجال الغناء، إذ ينتمي إلى قبيلة رعفيت التي كانت ترى في الغناء عيبًا مثل بقية قبائل المهرة. وفي مرحلة المراهقة، حين غنّى مشعجل في زفاف أحد أصدقاء شقيقه، علم والده وطلب منه مغادرة المنزل، معتبرًا الغناء وصمة قد تلاحق القبيلة. ورغم حزنه الشديد، واصل مشعجل مسيرته الفنية مع التزامه بعدم الغناء أو عزف العود أمام والده. لكن مع مرور الوقت وازدياد شهرته، أشاد به شعراء ومثقفو المهرة، حتى بلغ صداه شيوخ القبائل، فخفّفت هذه الإشادة من موقف والده وسمح له بمواصلة مشواره.
شهرة واسعة
كان حلم مشعجل في بداياته أن يلتقي الفنان الكبير أيوب طارش الذي اعتبره مثله الأعلى، وقد تحقق الحلم في صنعاء.
أما انطلاقته الحقيقية فكانت عام 1998 حين قدّم أغنية «ألا يا طير يا طاير» التي لاقت شهرة واسعة على مستوى اليمن. وكان قد سبق ذلك مفاجأة لجمهور المهرة بأول أغنية باللغة المهرية على إيقاع العود.
تعاون خلال مسيرته مع عدد من أبرز شعراء المهرة، منهم: محمد سالم عكوش، تمام سعد كده، ومحمد بن فطيس. ودائمًا ما كان يذكر بالوفاء محمد سالم عكوش وعلي خودم كأهم داعمين لمسيرته المبكرة.
امتازت أغانيه بدمج الموسيقى التراثية المهرية مع نغمات حديثة عكست خصوصية الفن المهري. وبعد سنوات قليلة من بداياته، تحقق حلمه الثاني حين غنّى إلى جانب أيوب طارش في حفلات أقيمت بعُمان والمهرة وصنعاء.
اعتزاز بالهوية
أصدر مشعجل العديد من الألبومات والأغاني التي أسست لهوية الغناء المهري، منها: «دمع العين» و «برق الجزيرة».
ومن أبرز أغانيه التي لا يزال اليمنيون والمهريون يرددونها: دمع العين، طال السفر، يا نور عيني، يا ليل فيك أسرار، شاشة خيالي، يا مهاجر، العمر يمضي، ريم البوادي، قالوا عن الحب، في عتمة الليل، سلام يا من غاب له مدة، يا مداوي، تاج المحاسن، يحق لك يا بنت.
لقّبه جمهوره بـ "سفير الأغنية المهرية" و"بلبل المهرة". ومعظم أغانيه كانت تحاكي طبيعة المهرة وتراثها، وتعكس عادات وتقاليد أبنائها، فضلًا عن رسائل الحب والوفاء.
رحل الفنان محمد مشعجل يوم الأحد، الثامن من سبتمبر/أيلول، عن عمر ناهز التاسعة والأربعين عامًا، وهو في قمة عطائه الفني، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا خالصًا للمهرة واليمن والعالم العربي، وهو الذي ظل طوال حياته يعتز بهويته كمهري ويمني وعربي.