صنعاء 19C امطار خفيفة

أزمة العملة المحلية: بين التقلب الحاد وغياب الاستجابة النقدية

أزمة العملة المحلية: بين التقلب الحاد وغياب الاستجابة النقدية

شهدت السوق المحلية في العاصمة عدن والمحافظات المحررة، منذ مساء أمس، موجة من التقلبات العنيفة التي أربكت المستثمرين والمواطنين على حد سواء، في ما يشكل اختبارًا حقيقيًا لمرونة السياسة النقدية وقدرة الجهات المعنية على إدارة الأزمات.

سجلت العملة الوطنية تراجعًا حادًا، إذ انخفض سعر صرف الريال اليمني مقابل الريال السعودي من مستواه المعتاد عند 425 ريالًا إلى حدود 300 ريال خلال ساعات، قبل أن يواصل انهياره اليوم إلى مستويات متدنية تتراوح بين 250 و280 ريالًا.
هذا التقلب الكبير بين صرافٍ وآخر يعكس حالة من عدم اليقين وغياب التوجيه المركزي الفعال.
في خضم هذه العاصفة، يبرز تساؤل جوهري حول أداء البنك المركزي ومدى سرعة استجابته لإدارة الأزمات. تشير الوقائع إلى أن البنك لم يكن في مستوى المسؤولية المطلوبة، إذ ترك السوق دون توجيه مركزي واضح أو تعميم طارئ يُحدد الإطار العام للتعامل مع هذه التقلبات العنيفة، مما عمق من حالة الارتباك وساهم في توسيع نطاق التذبذب.
هذا التذبذب الحاد يخلق وهمًا لدى البعض بأن البلاد تشهد طفرة اقتصادية أو معجزة نقدية، إلا أن الواقع يؤكد أن الأمر ليس سوى فقاعة مضاربة تعكس حالة من الفوضى وعدم الاستقرار التي يعيشها الاقتصاد الوطني، وبخاصة في ظل الخطوات التي بدأت بها الحكومة والبنك المركزي لوقف انهيار العملة وتعزيز الاقتصاد، إذ أظهرت هذه الأزمة بوضوح أننا مازلنا بعيدين عن تطبيق أسس إدارة السياسات النقدية بشكل احترافي يستطيع امتصاص الصدمات ويحافظ على استقرار سعر الصرف كأحد أهم مرتكزات الثقة في الاقتصاد.
ما حدث هو اختبار حقيقي لجاهزية البنك المركزي وقدرته على التعاطي بفاعلية مع الأزمات المفاجئة.
فلا بد من تعزيز قدرة البنك المركزي على الاستجابة السريعة للطوارئ. فإدارة الاقتصاد الوطني تتطلب أكثر من الإجراءات الترقيعية، بل تستدعي بناء نظام نقدي متين قادر على مواجهة التحديات وحماية القوة الشرائية للعملة، وتعزيز الشفافية للحفاظ على استقرار العملة وإعادة الثقة إلى السوق والمواطنين.

الكلمات الدلالية