صنعاء 19C امطار خفيفة

ما بين الذاكرة والكتابة

أعترف أنني ترددت كثيرًا قبل أن أكتب. نخوض ساعات طويلة في النقاش عن أحداث الجنوب، منذ ما قبل الاستقلال وحتى يوم الوحدة، نستحضر تفاصيلها وأسماء رجالها ونتجادل حول مواقفها، لكن عندما يصل الأمر إلى التدوين نتوقف. كأن الخوف يضع يده على أقلامنا.

خوف من ردّات فعل من لا يريد أن يسمع إلا صوته. خوف من الشتائم والتخوين. خوف من أن يُقال إننا نحاول احتكار الحقيقة. والحقيقة أننا لا نزعم امتلاكها، نحن فقط نحاول أن نكتب ما علق في ذاكرتنا، ما عشناه بأعيننا وسمعناه بآذاننا.
جربت أن أكتب بعض الحلقات وسميتها "ما علق في الذاكرة". استحسنها البعض، لكن البعض الآخر لم يطق أن تُفتح تلك الصفحات وكأنها محرمة أو ملكية خاصة بهم. ومع ذلك، أنا مؤمن أن كتابة التاريخ ليست ترفًا، بل واجب.
نحن لا نملك أرشيفًا رسميًا ولا وثائق متاحة، وما تبقى لنا هو ذاكرتنا. إذا صمتنا، سيضيع ما عشناه وتبقى الأجيال القادمة أسيرة لما يكتبه المنتصرون أو المزورون.
لذلك أقول: لِنكتب. نكتب بصدق، بما تسعفنا به الذاكرة، نكتب الإنجازات التي نفتخر بها، كما نكتب الأخطاء والجراح التي مازالت تؤلمنا. من يرضى فليقرأ، ومن يغضب فليغضب، المهم أن تبقى شهادتنا حية.
لأننا إن لم نكتب نحن، سيكتب غيرنا قصتنا كما يشاء.

الكلمات الدلالية