أول الشعر كان إصرار
هذا العنوان مستقى من كتيب صغير كتبه بنفس العنوان أستاذنا الراحل الدكتور أحمد القصير، أستاذ علم الاجتماع، أستاذًا ومدرسًا بجامعة صنعاء وجامعة تعز، وأستاذًا زائرًا بجامعة حضرموت... أحمد القصير أحد أعلام اليسار المصري المحب لليمن شعبًا وأرضًا، ومنها تزوج وأنجب تمامًا كحبه لمصر العروبة التي تسكن قلوب اليمنيين أينما حلوا وأينما ذهبوا.
هذا الكتيب الذي أصدرته دار العالم الثالث، تضمن سيرة لمناضل أصيل من أبناء مصر العربية، هو القائد الرمز كمال عبدالحليم، أحد أبرز قادة حركة التحرر الوطني المصرية "حدتو".
هذا الكتيب الصغير الحجم، لا تتعدى أوراقه الثلاثين ورقة، ركز عبرها أستاذنا الراحل أحمد القصير، على كافة الجوانب النضالية التي خاضها كمال عبدالحليم، وسنوات ومرات الاعتقالات التي تعرض لها، مستعرضًا في ثنايا الكتيب الجوانب الشعرية التي كان عبرها يعبر الراحل كمال عبدالحليم، وهو أحد قادة حدتو، بل أمينها العام، كان يترجم نضالاته على قصائد يراها أحسن الصور تعبيرًا عما يريد قوله، وإن كانت بعض الصحف لدينا في بلادنا اليمن تعزف عن الاهتمام بدور القصيدة التعبيري عما يعتمل داخل الأوطان من قضايا تتطلب صورًا من التعبير تصويرًا وتعبيرًا وشعرًا، بل وحتى لوحات ذات تعابير تخدم الصراع والفساد داخل المجتمعات.
إنه حقًا لشيء مؤسف أن تتعامل بعض الصحف وبعض المواقع أو الصحف الإلكترونية بنوع من التعالي وعدم الاهتمام... تعالوا نطالع مقاطع من قصيدة كتبها المناضل الثوري كمال عبدالحليم... القصيدة عنوانها الأطفال الثلاثة، يقول مطلعها:
أنا كائن
لم أخلق
أطاحوا بأمي
في مغرب
وألقوا بي في
لظى المغرب
واستطرد:
أبي كائن ثائر شاعر
أبي استلهم
الثورة... الطالعة
وغنى لأفواهها الجائعة
كمال عبدالحليم الذي عايش ثورة يوليو وتطوراتها، ويروي أستاذنا الدكتور أحمد القصير تفاصيل قصة اليسار المصري مع ثورة يوليو وعبدالناصر والسادات. والكتيب متاح يمكن الرجوع إليه.
لنقرأ معا المقطع التالي:
ولكنني بعد لم أولد
فما لي من حاضر
أو... غد
ويأبى الوزير وأنصاره
ويخشون أن يشهدوا
مولدي
ويأبى الطغاة
عادة الحروب
إعادة أمي
إلى والدي
لفتة نسجلها مع زمن التهافت على كل ما يثير ويهيج، لكنه لا يحمل مضمونًا، إنه زمن التفاهات التي تصنعها الصفقات، أو تصنعها مخرجات عولمة تاهت وعمالات تعتاش على بقايا أوطان وشعوب.
وحين يكون الشعر رسالة كشعر كمال عبدالحليم، تجد عزوفًا عند من لا يبحثون عن المضمون، بل عن الإثارة وجدل الصفقات.
لكما التحية أيها الكبار: المناضل الرمز كمال عبدالحليم، وأستاذنا الراحل الدكتور أحمد القصير، إذ جمعتما بين محبة ودماء جمعت بين بلدينا مصر واليمن العزيزين على كل مصري وكل يمني.