صنعاء 19C امطار خفيفة

في يوم جنازتي

في يوم جنازتي، لا أريد كثيرًا من البكاء.
دموع قليلة تكفي، من أولئك الذين أحبوني حقًا.
لا حاجة لي بثكالى مستأجرات، ولا بنواحٍ مزعج.
دعوا الحزن يمرّ بهدوء، كما كنت أحب أن تمرّ الأيام.
ولا تضعوا الكافور في نعشي،
رائحته كانت تزعجني، حتى وأنا حي.
وإن أردتم الطيب، فليكن عودًا كمبوديًا خفيفًا، لونه أخضر،
يباع أمام البرج، تعرفونه جيدًا.
الخفيف فقط، فالنوع الثقيل يسبب لي الصداع.
لا تطيلوا في الجنازة،
استعجلوا بها، دعوني أغادر، سريعًا.
"نافذة مطبخنا ستشاهدني أغادر
وشرفتنا ستودعني برفرفة الغسيل على الحبل"(*)
ولا تقيموا الولائم،
فقد كنت أحتاجها أكثر حين كنت حيًا،
ولم أطلبها يومًا.
لا أريد أن يشيّعني إلا من أحبني،
لا مكان للمنافقين في وداعي،
ولا لدموعهم التي لا أعرفها.
ولا أريد رثاءً من الذين خذلوني حيًّا،
ثم بكوا عليّ ميتًا،
بكلمات لم تكن لي،
وقد تكون السماء ممطرة...
لا عليكم إن تبللت،
فأنا أحب المطر،
لطالما أحببته،
حين كان يغسل وجهي دون أن يسألني،
كما كانت نهلة تغسلني بحبها.
وعن ديوني...
تعرفها نهلة.
لا حاجة أن يسددها أحد،
فهي وحدها من يحق لها ذلك،
كهدية وداع، بسيطة، مني إليها.
أعرفها جيدًا.
لن تسمح لأحد أن يبتاع كفني،
ستفعل كل شيء كما كانت تفعل دائمًا،
بصمت، وبحب،
دون أن تطلب شيئًا،
ودون أن تشتكي.
أليس كذلك، يا حبيبتي؟
ومقتنياتي المتواضعة...
ستُتصدق بها،
فما احتفظت به لم يكن كثيرًا،
لكنني أحببته،
كما يحب المرء الأشياء التي عاش معها بصمت.
كنت خفيفًا،
لا إرث، ولا أبناء،
فقط أنا،
كما شاء الله أن أكون.
أريد دعاءكم...
من قلوبكم،
بهمسٍ لا ضجيج فيه،
لا يسمعه أحد،
إلا الذي لا يغيب.
فأنا محتاجه،
محتاجه أكثر مما تتصورون.
فقد كنت سيئًا أحيانًا،
وأعرف ذلك،
لكنني كنت أحاول،
وأرجو أن يُغفر لي.
دعوا موتي بسيطًا،
كما كانت حياتي،
وكما أحب أن أُودّع،
ولا تكتبوا شيئًا على قبري،
فأنا كنت أكتب بما يكفي،
ولم أعد بحاجة للكلمات.
(*) البيت للشاعر ناظم حكمت.

الكلمات الدلالية