صنعاء 19C امطار خفيفة

اليمن بين المستعمر الوطني والمستعمر الغازي!

احد السلاطين وشيوخ القبائل والمناطق الذين وقعوا معاهدات صداقة (ذات صيغة كاريكاتورية) مع المستعمر البريطاني، هو شيخ الحجرية (ربيع 1839). هذا يستدعي من الكتاب والمدونين في مواقع التواصل الاجتماعي التريث والتمحيص وإدامة النظر وإمعانه قبل التحليق وراء اساطير تنسب إلى شيخ الحجرية بطولات ترقى إلى مصاف المعجزات. والأكيد ان احتلال عدن لم يقابل بابتهاج السكان المحليين وقد شهد العامين الأولين محاولات مقاومة محدودة.

    عودة إلى ما قبل احتلال عدن نجد اليمن مفككا، وسلطة الائمة الزيديين انحسرت من اغلب المناطق، جنوبا وشرقا.
   نعلم اليوم أن بريطانيا التي لا تغيب عنها الشمس وضعت لخطوتها المقبلة (احتلال عدن) خطة محكمة تضمنت الذرائع (اعتداء على إحدى سفنها) والدوافع (وضع حد لطموح "طاغية مصر" محمد علي باشا الذي سيطرت قواته على اجزاء من تهامة وتعز واب، وتقترب من لحج وعدن)، والأهداف واهمها السيطرة على باب المندب والساحل اليمني الجنوبي وساحل عمان.
   من بين الأهداف (النبيلة التي يعلنها كل مستعمر غربي) قالت حكومة الهند البريطانية إن الاستيلاء على عدن سيؤمن لرعاياها المسلمين تأدية فريضة الحج بسلام!
     شرعت بريطانيا فور احتلال عدن بتنفيذ خطتها القاضية بتأمين المستعمرة عدن عبر توقيع معاهدات مع زعماء المناطق القريبة من عدن، وبين هؤلاء شيخ الحجرية.
    ليس في الأمر ما يلصق بأي سلطان او شيخ وصمة او عار؛ إذ كان "المستعمر ألغازي" لدى السلاطين وشيوخ الدم والأرض أهون الشرين. وذلك ما افصح عنه احفاد السلاطين بعد 80 عاما للعلامة المصلح التونسي عزيز الثعالبي كما ينقل عنهم في "الرحلة اليمانية"؛ فأقله ان بريطانيا العظمي تمنحهم "مشاهرات" وتعاملهم باحترام يليق بزعماء عند زيارة عدن!
  كان ميناء المخا خارج السيطرة البريطانية لذلك تعين على البريطانيين شل حركته عبر ضمان تعطيل تجارة البن عبره. ويرجح ان يكون الزعماء المحليين تعهدوا لحاكم عدن الجديد بتحويل طريق تجارة البن من لحج والحجرية إلى عدن!
   بعد قرابة 128 عاما اندحر المستعمر البريطاني من عدن والجنوب عبر مقاومة باسلة في اليمن الجنوبي المحتل تسلحت برؤية وطنية واستندت إلى تأييد شعبي عارم ودعم غير محدود من مصر والمعسكر الاشتراكي. ذلك هو حال اليمن عشية الاستقلال الوطني في 1967 وهو نقيض الحال في مطلع 1839 أو اليوم!

الكلمات الدلالية