خبر زلج
بلغ السيل الزبى... نحو إيجاد قيادة جماهيرية بديلة
لم تعد الأوضاع العامة المهترئة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الشرعية، تخضع لأي مفاهيم او مسببات اقتصادية وسياسية وإدارية، قدر ارتهانها للغياب الكامل للسلطة ووظيفتها في إدارة الشأن العام، وفي ظل واقع استثنائي كان يفترض به أن يضاعف من إحساسهم وشعورهم بالمسؤوليات الوطنية والأخلاقية الملقاة على عاتقهم.
يؤسفنا ويحز في نفوسنا، أنه وبدلًا عن ذلك تصبح هذه الأوضاع مدخلًا لجمع الأموال وفرصة لتوظيفها في ما يعود عليهم بالنفع، وبما قدمهم تجار حرب بكل ما يحمله هذا المصطلح من معنى، منه لمسؤولي سلطة تقع على ذممهم مسؤوليات رسمية وأخلاقية مضاعفة، أمام شعب يعاني الويلات مما يحيط به من سياسات الفساد والنهب المنظم لموارد البلاد والارتهان الطوعي لأجندات القوى الاقليمية والدولية.
وكم هو مؤسف ومؤلم ومخجل ومعيب، أن تغدو النخب السياسية -ممثلة بأحزاب اليسار- واحدًا من أشكال هذا النهج غير المسؤول، وبما قادنا إلى ما نحن عليه من الفوضى والجوع والفقر وتدهور لقيمة العملة وما يترتب عليه من الغلاء الفاحش وغياب للسلطة في أبسط مظاهرها وقيمها، بدلًا من تقدم الصفوف وقيادتها نحو البدائل الوطنية المأمولة من وجودها.
كم أشعر بالخجل أمام جمل شعبية يطلقها رجل الشارع من نوع:
هيا مو عملتن؟ أين أنتم والتنظيرات حقكم؟ أدوشتونا وطلعتم أكبر فاسدين، بطلوا الهرج مرة ثاني ووو...
بل نقدم شديد اعتذارنا عما بدر منا من السلوكيات المنافية والمتعارضة مع قيمنا الوطنية النظرية، والتي عكستها قياداتنا الحزبية من وجوه فنادق الرياض ومشارب القاهرة، وبما جعلنا عرضة للتهجم والسخرية وحتى جمل "العرعرة" وقدح الشتائم.
بالمقابل قرأت قبل قليل، البيان رقم (2) الصادر عن الاحتجاج الشعبي في محافظة حضرموت، والذي تضمن جملة من المطالب وبشكل ومضمون عكس الوعي الايجابي للشارع وشعوره المتنامي بمترتبات الأوضاع العامة على جميع المستويات، المعيشية والوطنية والسياسية والسلوك العام المتحول للفرد.
لا شك أن جميع المحافظات الواقعة تحت سيطرة ما يطلق عليها ظلمًا بالشرعية، معنية بالانتفاضة على هذا الواقع المزري والمخيف، وبشكل منظم ومسؤول، وتحت قيادة جماهيرية موحدة، وبما يشكل بديلًا وطنيًا لقيادات حزبية ثبت وبالدليل القاطع والتجربة العملية، أنها لا تختلف عن وجوه إدارة السلطات التنفيذية والعسكرية اليمنية، الغارقة في وحل نهب المال العام ومنافع تحقيق المصالح وتوظيف الأقارب.
نعم.. على هذه الانتفاضة الشعبية في المحافظات الرئيسية، أن تعمم انتفاضتها على بقية المحافظات، وأن تخلق البديل القيادي القادر والمعبر عن هموم وأوجاع وأحلام الشارع، وبما يقود نحو بناء الدولة الوطنية، واستعادة الأموال المنوبة ومحاسبة من أوصلونا إلى ما نحن عليها من الأحوال المزرية، ومشارف الانهيار المتسارع نحو أوضاع اللادولة.