صنعاء 19C امطار خفيفة

أنا صار لازم نودّعك... بس مش قادرين

أنا صار لازم نودّعك... بس مش قادرين
زياد الرحباني ( منصات التواصل)
لم يكن زياد الرحباني مجرّد فنان.
كان نديم.. كان صديق
كان الطريقة التي كنا نفهم بها العالم عندما يُصبح غامضًا...
الصوت الذي يشتم دون أن يكره، ويضحك وهو ينهار، ويكتب وجعنا دون استئذان.
خبر موته ليس خبرًا.
إنه شرخٌ في ذاكرة جماعية،
هو كأن الوقت توقّف فجأة،
كأن الأغنية انقطعت في منتصف الجملة،
كأن البيانو عزف صمتًا لا يُحتمل.
"أنا صار لازم ودّعكن"...
قالها يومًا، لكننا لم نكن نعلم أن الرحيل سيأتي بهذه القسوة.
كنا نرددها كلما غاب صديق، أو خسرنا بيتًا، أو تاهت بيروت.
لكن اليوم... هي تغنّي لنا، نحن، لا له.
هي تصفعنا وتقول: "ها قد جاء الوداع الكبير، ولا عودة".
كيف نودّع من كان جزءًا من تركيبتنا النفسية؟
كيف نُسكت صوتًا علّمنا ألا نسكت؟
من الذي سيرتب الألم على المسرح؟
من الذي سيحوّل السياسة إلى نكتة، والنكتة إلى فلسفة، والفلسفة إلى سطرٍ موسيقي؟
كنا نظن أن زياد لا يموت.
لأنه لم يكن "شخصًا" فقط...
كان مرحلة، وثقافة، وتمرّد، وأملٌ يتكلّم باللهجة البيروتية الثقيلة، وباللغة التي لا يجرؤ أحد على قولها إلّا هو.
نحن لسنا فقط حزانى،
نحن مكسورون وجوديًا.
كأن المعنى هرب من اللغة، كأن الموسيقى فقدت نغمتها الخامسة،
كأن بيروت اليوم أكثر وحدة، وأكثر صمتًا...
ليس لأنها جميلة، بل لأنها فقدت صوت من كان يفضح قبحها، ويحبها رغم ذلك.
نعم، زياد...
"صار لازم نودّعك"، لكننا عاجزون.
ليس لأن الموت أقوى،
بل لأنك كنت أوضح من الحياة ذاتها.

الكلمات الدلالية