عين موفنبيك الجارية لا تنضب
لا حرمة للمال العام عند صناع اليمن الجديد

كنت أعلم يقينًا أن هيئة الأمانة العامة لمؤتمر الحوار الوطني الذي أنهى أعماله في يناير 2014، تستنزف مذاك عشرات آلاف الدولارات شهريًا لكل من الأمين العام أحمد عوض بن مبارك وفريقه.
هؤلاء "الحواريون" البواسل سنعود إليهم في وقت آخر. لكن هناك حواريين كثيرين غيرهم يتسلمون، مثلهم، مئات آلاف الدولارات شهريًا!
مطلع هذا الأسبوع، أثار جواز خاص منح لنجل موظفة حكومية لغطًا كبيرًا، إذ ظهر أن مهنة حامل الجواز الذي تجاوز الـ18 سنة، هي بالضبط بنوته!
استحقاق الأم للجواز الدبلوماسي سببه عضويتها للجنة صياغة الدستور التي أنهت مهمتها في يناير 2015.
الفقرة السابقة تصلح موضوعًا للعبة في مجلة تسالي؛ فالأكيد أن كل جملة من جملها تتضمن خرقًا للقانون.
صار المال العام موضعًا مستمرًا لنهب ضباع موفنبيك وأرانبه (يا للمفارقة)، لكأنه العين الجارية تفجرت من جنة موفنبيك عام 2013. والهيئات الخاصة بأغراض حددها القانون، أبدية. والأمين العام بويع من شعبه أمينًا إلى الأبد، وأبوهم جميعًا (الرئيس المؤقت) ينعم بعطايا "أمير النفط" في مستقره في مضارب نجد، بعد أن رفع علم الجمهورية في مران!
واقع الأمر أن مؤتمر موفنبيك انتهى في فبراير 2014 إلى مخرجات كارثية ليس آخرها "وثيقة الحوار الوطني". ولئن طوى النسيان هذه الوثيقة (أقله عند ملايين اليمنيين الذين لا يملكون ترف الثرثرة حول صيغ خلو من أي منطق)، فالأكيد أن المخرجات الأخرى قوّضت، وتقوض، أية فرصة سانحة للنجاة.
في 2022 و2023 أشرت عرضًا إلى ممارسات مخلة، وغرائبية، تبدر من "الحواريين" المتشبثين بأمينهم العام، بينها أمور تتعلق بالمال العام. لم تكن ذممهم المالية موضع وجهتي. ومطلع هذا الأسبوع تفجرت في عدن والرياض، وليس في "المنتجع الحواري" شرق العاصمة المنكوبة، مفاجأة تلو أخرى.
"الأخت (...) عضو لجنة الدستور" حظيت خلال أيام الأسبوع بتعاطف ومؤازرة مزدوجة؛ لأنها تعرضت لجريمة قذف من أحد الصحفيين، وهذا محل اتفاق بين جميع من كتب، بمن فيهم الزميل المسيء الذي بادر إلى الاعتذار. ولأنها منحت، مستغلة وظيفتها ومعارفها، جوازًا دبلوماسيًا بالمخالفة للقانون. لم يتوقف كثيرون عند هذه المخالفة الصارخة، والعجيب أن بعض "المؤازرين الحواريين" ممن يحمل شهادة الدكتوراه، فجواز نجلها مستحق على اعتبار أن جوازها، هي نفسها، لا مجال للتشكيك فيه!
في اليومين الماضيين اتضح لي أن أحمد عوض بن مبارك ليس المستفيد الوحيد، هو وفريقه، من "عين موفنبيك" الجارية، فقد أكد لي مصدران لم يأذنا لي بالكشف عن اسميهما، أن رئيس وأعضاء لجنة صياغة الدستور يتسلمون منذ يناير 2015 مكافآت شهرية عن عمل تم إنجازه قبل ذلك التاريخ!
ليس هذا مقام الضحك. وإن أضحكتنا شر البلية فهو ضحك كالبكاء. وقد كان سؤالي الأول هل قبل رئيس اللجنة (2014) وهو القانوني المعروف، فجاء الرد: ما الذي يمنعه من استلام ما يصله بسلام إلى حسابه البنكي؟
صحيح ما الذي يمنعه أو يمنع غيره؟