صنعاء 19C امطار خفيفة

وجهة نظر الرأي العام في المجريات

بعيدًا عن الترهيب، أو الترغيب بالدعوة للاصطفاف إلى هنا أو إلى هناك، للإشادة والمناصرة باتخاذ موقف مساند وواضح في هذه الحرب الملعونة، مع أو ضد، لجهة أن أحد طرفيها، كما هو معروف، عدو أزلي، تاريخي للأمة كلها، سرطاني خبيث وخسيس ونجس، وكامل العداوة، وطرفها الآخر، مع أنه مصنف إسلامي كما يدعي،

 
غير أنه يأخذ نفس صفة الخسة والخبث عند قطاع كبير من الرأي العام، لما يمارسه هذا النظام من عداوة واضحة المعالم، وتغول على جيرانه المقربين، فيما يعده بعض البعض أخًا وشقيقًا يستلزم النصرة والمؤازرة وتقوية عضده والوقوف إلى صفه.
فهذه هي المرة الأولى، في ما نعلم، على الأقل في تاريخنا المعاصر، ينقسم فيه رأي الأمة رأسيًا وأفقيًا، هذا الانقسام الحاد بإزاء حرب مدمرة تقع في المحيط، وقد تمس القلب، حرب مزلزلة تتوسل كافة أدوات التقنية الحديثة، وتنتهج أساليب عالية التكتيكات والتكنيكات، وتجري وفق ديناميكيات وخطط حربية مجهزة ومميتة، وتعتمد "اللوجستيك" والوسائط الجوية والفضائية للضرب في خاصرة الخصم، بقوى تدميربة هائلة..
ما يهمنا، هنا، هو هذا التمترس والانقسام البيني والمتناقض في أوساط الرأي العام العربي، كذا الإسلامي، لدرجة حدية متناقضة ومذهلة..
السؤال الذي يبحث عن استخلاص الإجابات في هذا المضمار:
هل هذا الانقسام والاصطفاف للرأي العام؟ هل يحدث بقناعة ووعي تام، أم أنه يتم بتأثير مباشر أو غير مباشر لمؤثرات ذاتية أو موضوعية؟!
سيحاول كل فريق من الأفرقة المتمحورة، الإجابة بأن موقفه الإيجابي، كما يعده، ناتجًا عن قناعة تامة، وينتهج بوعي تام، وسيسرد الأدلة المؤيدة للموقف، ولن ينسى، بالطبع، استصحاب الأدلة والآيات البينات، كما لن تعوزه استدعاء الآثار السالفة من السيرة والتاريخ.
 
بهذا الصدد، وفي هذا الجو المعترك،
بكسر الراء، لنا أن نقف بتأنٍّ حول الطرف المشكل، المثير للاختلاف والالتباس.. جمهورية إيران الإسلامية.
عندها نتوقف لحظات، باعتبار أن الطرف الآخر اليهود مفروغ من عداوته، ومجمع على حقده وخبثه من كلا الفريقين، الجميع يتمنى اجتثاثه وهلاكه عاجلًا غير آجل.
 
الإشكالية تكمن في الموقف المناوئ والكاره لإيران عند أغلبية الرأي العام، ويتمظهر، في الواقع، من خلال المعطيات والشواهد والسلوكيات السلبية لسلطة "الملالي" تجاه الإخوة والجيران، عربًا ومسلمين. هذا السلوك الذي تبناه القابضون على زمام السلطات، تم تأسيسه وإقراره منذ نجاح الثورة الإيرانية على الشاهنشاه محمد رضا بهلوي، والمتمثل بتصدير الثورة، وكما رأينا بوادره ووقائعه الأولى في الحرب العراقية/ الإيرانية (تجاوز ضحاياها المليون شخص)..
ثم ما تلى ذلك من تدخلات في شؤون هذا القطر أو ذاك، من دول الجوار، ما ولد، معه، الخلافات الحادة والأحقاد، وأوجد العلاقة الملتبسة والعدائية، وبالتالي الكره والعداء المستفحل لقيادة السلطة الحاكمة في طهران..
إذن.. نتحدث هنا عن نتائج حتمية فرضتها طبيعة التصرفات الخاطئة، وعدم تبني علاقات أخوية ودية متكافئة مع الأشقاء والجيران.
ولا غرو أن نجد اليوم، وفي هذه الأثناء، من يشمت، بل من يتمنى ويتعجل زوال نظام "الملالي"، ويتحين سقوطه المدوي، ولو علي يد الأشد الناس عداوة للذين آمنوا.. "اليهود"..
لا غرو، كذلك، من أن نسمع، أو تدار على أسماعنا، في عديد منتديات ومجالس، وكذا مواقع تواصل اجتماعي وإعلامية، أدعية شديدة اللهجة، من قبيل اللهم اهلك الظالمين بالظالمين، بمعنى أن الطرفين كليهما ظالم ومجرم، ومعادٍ، ويستحق الفناء.
وتأسيسًا على ذلك، وبهذا المعنى، فلا عزاء لأي منهما..
وليذهبا، معًا، إلى الجحيم..

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً