صنعاء 19C امطار خفيفة

من الكهف إلى عدن.. أم من عدن إلى الكهف؟

رجل الكهف وسط حراسة مشددة( منصات التواصل)

في مشهد مثير للسخرية والشفقة معًا، ظهر مؤخرًا "رجل كهف" من سقطرى في شوارع عدن، يُساق وسط حراسة مشددة، وكأنهم اكتشفوا عجبًا أو أرادوا إبهار المدينة بـ"غرابة الزمان". لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة:

 
هل جاؤوا برجل الكهف ليُذكّرونا بحياتنا؟ أم ليقولوا لنا إن الكهف الذي نعيشه اليوم في عدن، أسوأ من الكهوف التي هرب منها الإنسان قبل آلاف السنين؟
عدن التي دخلت الكهرباء والتليفزيون والسينما قبل كثير من دول الجزيرة والخليج، أصبحت اليوم مدينة خافتة، منهكة، تغرق في الظلام والعطش، ويكاد سكانها يعيشون على شفا مجاعة، بينما الحاكم لا يعرف من الحكم سوى شعارات جوفاء واستعراضات لا تليق بمدينة ذات تاريخ عريق.
أي كهفٍ أبشع من أن تعيش بلا ماء؟
أي كهفٍ أفظع من أن يُولد أطفال عدن بلا رعاية صحية، ويكبرون بلا تعليم، ويشيخون بلا كرامة؟
أي كهفٍ أعمق من أن تتحول مدينة الثقافة والتنوير إلى ساحة عبث سياسي وتكريس للجهل؟
الفرق بين كهف رجل سقطرى وكهفنا اليوم، أن كهفه كان بفطرته، أما كهفنا فبفعل فاعل.. من لا ضمير له، ولا أخلاق، ولا رؤية، ولا حتى إحساس بمعاناة الناس.
لقد أهانوا عدن، وشوّهوا صورتها، وأفلسوا مؤسساتها، وضيّعوا كرامة أهلها. لم يُبقوا لنا إلا رماد الذكرى، وذاكرة الحنين لمدينة كانت تحلم فاختنقت، وكانت تُنير فخُذلت، وكانت تنبض فتحوّلت إلى جثة على قارعة الخراب.
من المؤلم أن تُحكم عدن اليوم بأدوات لا تمت لهذا العصر بصلة، بينما الجائعون يتضاعفون، والمستشفيات تنهار، والكهرباء تُسحب كل صيف لتعود المدينة إلى ليلٍ بدائيّ طويل.
فمن المتخلف إذن؟
رجل الكهف الذي لم يعرف الحضارة؟
أم من جاء به ليستعرض في مدينة دمر حضارتها؟
عدن اليوم لا تحتاج إلى رموز فارغة، ولا استعراضات "فلكلورية"، بل إلى ضمير حي، إلى حاكم يُشعل مصباحًا بدلًا من أن يُطفئ مدينة.
عدن لا تريد أن ترى رجل الكهف، بل أن تخرج من الكهف.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً