أ. مفاوضات غزة تتعثر
تواصل إسرائيل حرب الإبادة بلا هوادة، بغض النظر عن أية مفاوضات. وكل العالم يشهد يوميًا غارات عنيفة، وعشرات الضحايا من الفلسطينيين، وتكثيف الجيش الإسرائيلي عملياته في شمال قطاع غزة، وفرض واقع ميداني يتضمن خمسة محاور، وثلاثة تقسيمات إدارية، ونزوح قسري للأهالي نحو الجنوب، وتنصيب أفخاخ بذريعة أنها مراكز لتوزيع الغذاء والمساعدات للسكان الغزيين.
وما ترتكبه إسرائيل ليس سوى قصف مستمر لتلك المراكز، وقنص الأطفال والنساء، والشيوخ بدم بارد. والثابت أن الإدارة الأميركية تدعم إسرائيل، وإسرائيل لا تريد السلام.
حقيقة الأمر، لم يوفق المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بمبادرته التي تراوح مكانها بين المفاوضين الإسرائيليين وحركة حماس تارة، وبين الموافقة والرفض تارة أخرى. ويحاول الكيان الإسرائيلي المحتل تقديم سردية مخالفة للواقع لتغطية تصرفاته الوحشية.
وعلى صعيد آخر، تعمل مصر وقطر كل ما بوسعهما لتذليل المصاعب وتقريب وجهات النظر بين المتحاربين، بما يتسق ومبادرة المندوب الأميركي ستيف ويتكوف الجديدة صوب التهدئة، لمدة ستة أشهر، وبضمانة أميركية، تشمل وقف إطلاق النار، وتبادل الرهائن، وفتح المعابر للمساعدات الإنسانية، إلا أن الأمور تجري بما لا تشتهي السفن.
كل ما في الأمر، أن إسرائيل ترفض أي مسار سياسي تجاه أي حل يوفر الأمن والسلام للمنطقة بقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ضاربة عرض الحائط بالاتفاقيات والمبادرات الدولية. وقد خلا لها الجو وبدعم أميركي للتوجه نحو التطبيع مع دول المنطقة وبضغوط أميركية كوسيلة لتوسيع نفوذها بمنأى عن حل الدولتين.
وفي نفس السياق، تحدث الأمير فيصل بن فرحان، وزير خارجية السعودية، عن المؤتمر الذي سينعقد في 17 يونيو الجاري (2025م)، في نيويورك، برعاية الجمعية العامة للأمم المتحدة، ورئاسة كل من السعودية وفرنسا، وبحضور واسع يشمل المنظمات الإقليمية والدولية. وأضاف أنه من المهم أن تعترف الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية، وليس بحل الدولتين فقط. ويحدوه الأمل بأن الأمور ستكون لصالح الاعتراف، وسيعمل من أجله كهدف رئيس أثناء انعقاد المؤتمر، وكذا في المحافل الإقليمية والدولية.
وأكد وزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي، أن هناك خطوات عملية أيضًا في مؤتمر القاهرة الدولي المتوقع انعقاده في الشهر الجاري في القاهرة، يتضمن الترتيبات الأمنية المستقبلية في قطاع غزة، وإعادة الإعمار.
ب. مفاوضات واشنطن حول مشروع إيران النووي تراوح مكانها
تراوح المفاوضات الأميركية -الإيرانية المكوكية دون تقدم، فالجانب الأميركي لن يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم، ويصر على تفكيك أجهزة التخصيب. في حين ترفض إيران الطلب الأميركي، وتصر على مشروعها النووي لأغراض سلمية مثل الكهرباء، وصناعة الأدوية، وغيرها من الصناعات، ولن تفاوض أيضًا في أسلحة الصواريخ الباليستية وغيرها.
من ناحية أخرى، صرح مدير وكالة الطاقة النووية رافايل غروسي، أن عقارب الساعة النووية، تقترب من إنتاج السلاح النووي، وأن إيران تمتلك مخزونًا من اليورانيوم يكفي لصنع أكثر من ست قنابل نووية، على حد قوله. وجاء الرد الإيراني أن لغة وكالة الطاقة النووية ليست مهنية ولا تقنية، وإنما مقاربة سياسية ليس إلا.
وبتصوري إن الجانبين الأميركي والإيراني من صالحهما التوصل إلى اتفاقات تراعي أيضًا أمن واستقرار دول المنطقة.
جوهر القول، إن معظم البلدان العربية في أوضاع داخلية متردية، قابلة للاختراق، وما من سبيل سوى وأد الفتن، وإصلاح ذات البين قبل فوات الأوان.