تهويم.. بأحلامٍ شتى.. تراودهم..
الكثير منهم يعجز عن العمل.. عن الشغل.. عن الفعل الإيجابي.. وعن أي إنجاز.. يتعلل بالأعذار.. ويلتجئ لأحلام يقظة..
أوهام وخيالات.. وأماني..
ينسجها عقل خامد.. وذهن غير متقد، بل ناعس كسول..
وخيال محدود مكدود..
هذه شريحة.. تفر إلى الظل.. ترتكن إلى العجز.. تتوسل السراب.. وتمتهن
التهويمات والتبريرات.. وتبحث عن مجرد مكانة.. كحلٍّ افتراضي..
مشكلتها العويصة أنها فوق..
فوووووق في العلالي..
لا تنز ل لأرض الواقع..
مجنحة محلقة.. وتسبح في سماوات وردية..
وبتفكير معشش في النجوم..
مسؤوليات جسام.. رتب ومراتب عالية.. ومناصب لا تضاهى..
هكذا تؤمل..
……
الفراغ.. ومجالس القات.. وسوء الحظ..
والبطالة المفضية لضيق ذات اليد..
والهروب من الواقع البئيس.. وغيرها من العوامل المؤثرة.. تلعب الدور الحاسم في الإحالة إلى هذا الواقع البديل..
في كل مجتمع.. وفي كل البيئات لهم حضور.. وعند كل مناسبة.. يجتازون العتبات إلى الصفوف الأولى.. بدعوى أنهم في مقدمة المدعوين..
وبرغم الفقر المدقع في المؤهلات، فإنهم لا يتورعون عن امتهان "الفشخرة".. ويتوقون للفخفخة.
وأبسط وأقرب المهن، في منظورهم، هي "المشيخة".. مردود دون متاعب..
آخر صيحة في "الموضة"، أن تكون شيخًا.. مهنة البطالة..
فهم، على الدوام، يتطلعون إليها.. ودائمو البحث عنها.. باعتبارها سهلة ميسرة.. كوجاهة جالبة أرزاق..
وسلة غذاء عامرة.. بسيطة، ولا تحتاج لمتطلبات علمية رفيعة..
ولا خبرات متراكمة.. ولاحذاقةونجابة
"فهلوة ومظهرة وعنطزة" وحسب..
لذا، فكل يوم يطالع الساحة شيخ جديد.. وكل شهر وجه يزيد..
ولذا صارت "المشيخة" مهنة من لا مهنة له.. وسيلة كل بطّال..
إنهم يتكاثرون في الفضاء العام..
ويزدادون في كل حين وآن..
ما أكثر "مشائخ، مشايخ"
أو أشياخ الحارات.. والمناسبات..
تعج بهم الساحات.. وتعدادهم في كل حارة وقرية وبقعة بالعشرات..
لم يفعلوا شيئًا للمجتمع.. أو يضيفوا فارقًا جديدًا أو مفيدًا، ولن يفعلوا..
لأنهم، ببساطة، يفتقرون إلى المتعلقات..
لكن، والحقيقة تقال، فقد بانت من كثرتهم الكاثرة فائدة واحدة، وهي أنهم أزالوا هيبتها في الأذهان، وأظهروا حقيقتها "المشيخة"، على الأقل في مواطن معينة من هذه الأنحاء، بأنها، في الواقع، لا تعني شيئًا بالمرة..
بما أنهم يتناسلون كالأرانب..
وبتناسلهم الزاخر تتناسل الإشكالات والمصائب..
