مع تصاعد التوترات في المنطقة، يعود إلى الواجهة تساؤل حساس: ماذا بعد قصف إسرائيل لليمن؟ وهل من حق التحالف العربي، بقيادة السعودية، الرد العسكري على الطيران الإسرائيلي دفاعًا عن اليمن؟
هذا السؤال لم يعد افتراضًا نظريًا. التصريحات الإسرائيلية المتكررة حول استهداف "أذرع إيران" في المنطقة، والتي تشمل جماعة الحوثي في اليمن، تقابلها تهديدات من قوى إقليمية برد مماثل. هنا تبرز معضلة قانونية وسياسية معقدة تجمع بين الشرعية الدولية، ومفهوم السيادة، ومصالح التحالفات الإقليمية.
القانون الدولي واضح: الدفاع عن النفس مشروع
ينص ميثاق الأمم المتحدة، في مادته 51، على أنه "لكل دولة حق طبيعي في الدفاع عن نفسها إذا تعرضت لهجوم مسلح". وبالتالي، إذا قصفت إسرائيل الأراضي اليمنية دون تفويض أممي أو موافقة الحكومة اليمنية، فإن ذلك يُعد عدوانًا دوليًا.
يقول الدكتور أنور الحمادي، أستاذ القانون الدولي في جامعة صنعاء: "أي تدخل عسكري أجنبي دون تفويض دولي يُعد عملاً عدائيًا. وإذا استُهدفت اليمن، فإن من حقها أو من يمثلها قانونيًا، كالتحالف العربي، الرد وفقًا لحق الدفاع المشروع".
التحالف العربي: تفويض قانوني أم حسابات سياسية؟
تدخل التحالف العربي في اليمن منذ 2015، جاء بطلب رسمي من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. هذا يمنحه، من الناحية القانونية، حق الدفاع عن اليمن ضد أي عدوان خارجي.
لكن السؤال هنا لا يتعلق فقط بالقانون، بل بالقرار السياسي. هل ستجازف دول التحالف -خصوصًا تلك التي تربطها علاقات مع إسرائيل- بمواجهة عسكرية مباشرة؟
الباحث في الشؤون الخليجية، يوسف بن حمدان، يرى أن "الرد ممكن قانونًا، لكنه صعب سياسيًا، بخاصة إذا استهدفت الضربات الحوثيين فقط. كل شيء يتوقف على الهدف، والموقع، والسياق".
وقائع مشابهة.. ودروس من التاريخ
شهدت المنطقة حالات مماثلة:
الضربات الإسرائيلية المتكررة لسوريا، ورغم أنها تُعد عدوانًا، غالبًا ما مرت دون رد مباشر من الحكومة السورية.
في المقابل، ردت فصائل موالية لإيران أو عبر وكلاء محليين، ضمن سياسة "الرد غير المباشر".
في ليبيا والعراق، أُثيرت تساؤلات مماثلة حول مشروعية الرد على قصف أجنبي دون تفويض.
الدرس الأبرز هنا: الرد العسكري ليس قرارًا قانونيًا فقط، بل سياسي واستراتيجي أولًا.
سيناريوهات محتملة: متى قد يرد التحالف؟
قد يُقدم التحالف على الرد في الحالات التالية:
إذا استهدفت إسرائيل مواقع مدنية أو حكومية في مناطق تحت سيطرة الشرعية.
إذا نتج عن القصف سقوط ضحايا مدنيين واحتجاجات شعبية.
إذا تجاوزت إسرائيل "الخطوط الحمراء" المتفق عليها ضمنيًا بين أطراف إقليمية.
إذا فشلت الجهود السياسية وانهار مسار التهدئة مع طهران وتل أبيب.
خاتمة: بين حق الرد... وحسابات الواقع
من منظور القانون الدولي، يمتلك التحالف العربي شرعية الرد على أي عدوان على اليمن، سواء من الحوثيين أو من أية قوة خارجية، بما في ذلك إسرائيل.
لكن من منظور الواقع الجيوسياسي، تظل قرارات الحرب والسلام خاضعة لتوازنات معقدة، إذ لا تسود فقط قوة القانون، بل أيضًا قانون القوة والمصالح.