صنعاء 19C امطار خفيفة

الوجه الشاحب... سيرة ذاتية للفقر والعنف

لماذا يبدو وجه اليمني شاحبًا ومرهقًا؟

 
على الرغم من أن اليمن يُصنَّف من بين الدول ذات الطبيعة الأكثر تنوعًا وجمالًا في المنطقة العربية، فإن ملامح اليمني لا تعكس بالضرورة هذه الطبيعة الخلابة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يبدو اليمني، في كثير من الأحيان، بوجهٍ شاحب، مُغبرّ، وكأن ملامحه تروي قصة إنهاك طويل؟
ما الذي يجعل ملامح اليمنيين على هذا النحو؟ هل يعود السبب إلى نمط الحياة؟ أم إلى العادات الغذائية؟ أم أن هناك عوامل صحية واجتماعية أعمق تلعب دورًا في ذلك؟
أحد العوامل المحتملة هو "القات"، الذي يُعد جزءًا من الحياة اليومية لكثير من اليمنيين. يحتوي القات على مواد منبِّهة قد تؤثر في الجهاز العصبي، وتُسبّب الأرق، شحوب الوجه، وجفاف البشرة، فضلًا عن السموم الزراعية التي قد تُستخدم في زراعته دون رقابة كافية، وهو ما يترك أثرًا سلبيًا في الملامح والصحة العامة.
 
يُضاف إلى ذلك العامل الغذائي، إذ يعتمد النظام الغذائي لعدد كبير من اليمنيين على النشويات مثل الخبز، الأرز، والفطائر، مع قلة ملحوظة في استهلاك الخضروات والفواكه الطازجة. هذا النمط الغذائي الفقير بالعناصر المغذية الضرورية يؤدي إلى نقص في الفيتامينات والمعادن، مما ينعكس سلبًا على نضارة البشرة وصحة الجسم عمومًا.
 
ثم تأتي الأزمة الكبرى: البنية السياسية والاقتصادية. الحروب، الفقر، العنف، والحرمان لا تخلق فقط واقعًا خارجيًا مضطربًا، بل تُنتج ذاتا متعبة، مأزومة، منكمشة. وفي نهاية المطاف، الوجه هو تعبير مباشر عن هذه الذات.
 
غير أن الوجه الشاحب لا يُختزل في العوامل البيولوجية أو العادات اليومية، بل يتجاوزها إلى ما يمكن تسميته "التمثيل الجسدي للأزمة والعنف". ففي ظل عقود من الحرب، النزوح، والهشاشة المؤسسية، يتحول الجسد -والوجه تحديدًا- إلى حامل لعلامات العنف غير المرئي. إنه يتحدث بصمت عن الخوف، القلق، واللايقين. الوجه هنا لا يشيخ فقط، بل "يتآكل" بوصفه شاهدًا على واقع منهَك.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً