صنعاء 19C امطار خفيفة

قصة مُلهمة لفنان شاب

عبدالرحمن المجاهد.. صوت من ذمار يُعيد تعريف الموسيقى اليمنية

عبدالرحمن المجاهد.. صوت من ذمار يُعيد تعريف الموسيقى اليمنية

في مدينة ذمار، حيث يختلط صوت المآذن بأنغام القصائد الصوفية، وُلد فنانٌ شاب قرر أن يشق طريقه الخاص وسط موروث ثقيل وتقاليد صارمة. ومن إذاعات المدرسة والأعراس الشعبية إلى استوديوهات الإنتاج، والمنصات الرقمية، حوّل عبدالرحمن المجاهد شغفه الذاتي إلى مهارة احترافية، متحديًا الأعراف الاجتماعية والعقبات الشخصية. هو لم يرث الفن، لكنه اختاره، وتعلمه، وابتكر فيه، ليصبح اليوم أحد أبرز الأسماء التي تمزج بين الأصالة والتجديد في المشهد الموسيقي المحلي.. 

 
 
بدأ عبدالرحمن المجاهد مسيرته الفنية من مدرسة الثورة بمدينة ذمار، حيث لمع اسمه كمنشد وحيد في الإذاعات المدرسية، قبل أن يمثل مكتب التربية والتعليم بالمحافظة، في مناسبات محلية ووطنية. ومن أبرز أعماله المبكرة أوبريت "أسعد الكامل"، الذي شارك فيه في عمر الثالثة عشرة، ما شكّل انطلاقته الحقيقية نحو الاحتراف.
المجاهد وبدايات الإنشاد في الطفولة

شغف التعلم الذاتي

 
رغم أن بيئته العائلية لم تكن فنية، إلا أن المجاهد شق طريقه نحو الموسيقى بعزيمة استثنائية. تعلم العزف على آلة الأورج (البيانو) ذاتيًا، وشارك كعازف في الأعراس والمناسبات، ليطور لاحقًا أدواته ويخوض عالم التوزيع الموسيقي بثقة وموهبة فذة.
بدأ أول تجربة له كموزع موسيقي عام 2010م عبر عمل وطني مع المنشد عبدالقوي حيدر، ويقول في حديثه لـ"النداء" : "أفخر بهذه البداية، كانت تجربة ناضجة علمتني الكثير". ومنذ ذلك الوقت، تعاون المجاهد مع مجموعة من أبرز الفنانين اليمنيين، بينهم أحمد فتحي، حسين محب، يوسف البدجي، وهاني الشيباني "شيبوب" وآخرون.
 

التوزيع الموسيقي: علمٌ وفن

 
يؤمن المجاهد أن التوزيع الموسيقي ليس مجرد تنسيق نوتات، بل عمل فني متكامل يتطلب فهمًا دقيقًا للمقامات والإيقاعات. ويؤكد: "الموزّع الحقيقي لا ينجح إلا إذا امتلك أذنًا موسيقية، وشغفًا بالتفاصيل، وإحساسًا زمنيًا عميقًا".
 

تحديات البداية 

 
واجه المجاهد في بداياته اعتراضًا من معظم أفراد أسرته الذين ينتمون للمجال القضائي وحل النزاعات، باستثناء والده الذي كان داعمًا أساسيًا لمسيرته الفنية. ورغم العوائق المجتمعية، تمكّن من إثبات نفسه، وغيّر نظرة الكثيرين حول الفن والموسيقى في مجتمعه.
يقول: "تأثرت كثيرًا بالمحيط الفني في ذمار، وكنت أستمع بشغف إلى مختلف أنواع الموسيقى؛ العربية، التركية، الغربية، وحتى الأفريقية. هذا التنوع أسهم في تشكيل أسلوبي الخاص".
 

 الموروث والحداثة

 
تُعدّ ذمار من المدن اليمنية الغنية بالإرث الإنشادي والفني، والمتأثرة إلى حدّ كبير بالموروث الصنعاني القريب جغرافيًا وروحيًا. اشتهر منشدو المدينة بأداء المدائح النبوية والقصائد الصوفية، غالبًا دون آلات موسيقية، قبل أن يظهر جيل جديد مزج بين الموروث والآلات التقليدية والحديثة.
 
المجاهد مع الفنان يوسف البذيجي
المجاهد مع الفنان يوسف البذيجي
المجاهد مع الفنان عبود خواجة
المجاهد مع الفنان حسين محب
 
تميزت ذمار كذلك بفرق إنشادية جماعية تحيي المناسبات الدينية والاجتماعية، مثل المولد النبوي والأعراس، ما خلق بيئة خصبة لبروز مواهب فنية جديدة. واليوم، يأتي عبدالرحمن المجاهد على رأس هذا الجيل، محافظًا على الروح التراثية، لكنه يضخ فيها حداثة موسيقية من خلال التوزيع الفني المعاصر.
 

صناعة جيل جديد

 
يشير المجاهد إلى أن عدد الموزعين في اليمن كان محدودًا، لكن خلال السنوات الأخيرة، ازداد الاهتمام من قبل الشباب. وهو اليوم يحرص على تقديم الدعم والتوجيه لهم: "الفن لا يزدهر إلا بتناقل الخبرات، وأنا حريص على تمكين المواهب الشابة من تجاوز الصعوبات التي واجهتها".

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً