سلامات فارس معركة الحداثة في اليمن

سلامات فارس معركة الحداثة في اليمن

*فتحي أبو النصر
إسعاف الأستاذ عبدالباري طاهر لمستشفى خاص، وإخضاعه لعملية عاجلة إثر تعرضه لحادث مروري: خبرٌ يشرخ الروح.
الذاكرة المفعمة بالتجدد، صاحب الوعي النقابي الذي لا يختلف أحد حوله، والمرجعية الوطنية التي لا تتشوه على الإطلاق.
يتصدع القلب لألمه، وهو ضميرنا المجنح على الدوام في نقابة الصحفيين، كما هو الاستثنائي الصلب بمواقفه المناصرة للحريات وللحقوق، ومضادنا الحيوي ضد أمراض التشيؤ والتزلف والبيع.
لم ينقلب قيمياً كآخرين على اتحاد الأدباء والكتاب الذي يعد من أبرز رواده، وما زال كما هو ذلك العنيد الطيب.
فيض التلقائية الآسرة، وتجليات الجاذبية العصامية، وكاريزما النقاء النوعي، ملتحماً بالبياض حتى حدوده القصوى.
تبدلت مواقف كثيرين خضعوا لمنطق تحولات المراحل وماديتها وفهلويتها، لكنه ظل مخلصا لعنفوان أحلامه كما لو أنه القديس الصعب.
ماركسياً تأسس على نحو فقهي بشكل مثير للإعجاب، كما أخذ على عاتقه تعزيز مفهوم التسامح قولاً وممارسة.
ماركسياً ليبرالياً خارج نطاق التصنيف الجاهز والأحزاب الهرمة، بل أبعد عمقاً وأعلى قيمة من مفهوم المثقف العضوي.
اكتفى من هاشميته بالتواضع الجم وبساطة المثقف الحقيقي، بمثاليةٍ متقدة، ممتلئاً جداً من الداخل، ومنفتحاً في كل ذلك على إنسانية الإنسان باعتبارها ضالته التي لا نظير لشغفها.
ولقد ظل فارس معركة الحداثة في اليمن، شهماً ونزيهاً، لا يميز بين الإنسان والإنسان بمختلف تمظهراته على الصعيدين الفكري والروحي، بل إنه المعتز بتهاميته، وعلى استعداد دائم لقولة الحق، كما ظلت مقولاته تتردد، خاطفة في الذهن، ومستقرة في الروح، ومهيجة للمعنى، لأنها نابعة من صميمه العميق غير المزور على الإطلاق.
عزاؤنا في بسمته الجموحة العصية على التدجين، وهو القيمة التنويرية التي ستبقى ملهمة لعديد أجيال، فيما من الصعب أن تهنأ العين في منامها حتى لحظة شفائه.
سلامات سلامات أستاذ عبدالباري طاهر.