الصحة في الضالع.. معاناة المواطنين مستمرة والتدهور متواصل

الصحة في الضالع.. معاناة المواطنين مستمرة والتدهور متواصل

> الضالع - فؤاد مسعد
مطلع العام المنصرم 2009، كلف المجلس المحلي بمحافظة الضالع المحافظ والهيئة الإدارية ومدير عام مكتب الصحة بالمحافظة بمعالجة وتصحيح الأوضاع الصحية والوظيفية والخدمية التي تعيشها المستشفيات والمراكز والمرافق الأخرى الصحية والتعليمية والوقائية وغيرها، الواقعة تحت مسؤولية مكتب الصحة. كان ذلك إثر مناقشة تقرير اللجنة المكلفة من قبل محلي المحافظة الذي ورد فيه حينها: "أوضاع الصحة في محافظة الضالع بحاجة لإعادة النظر ابتداءً من مكتب المدير وانتهاءً بآخر قسم وفقاً للكفاءة وقانون المهنة، وإعادة الأطباء المتخصصين إلى أعمالهم وتعيين إدارة كفؤة للمستشفى الرئيسي بالمحافظة وتفعيل الرقابة والمحاسبة على المرافق الصحية، وإلزام مكتب الصحة بتقارير دورية عن المناطق الموبوءة بالأمراض المعدية وسبل مكافحتها..".
الآن بعد مرور عام كامل على مناقشة التقرير وتوصيات المجلس القاضية بضرورة معالجة وتصحيح الأوضاع الصحية بالضالع، حدثت بعض الأشياء ليس من بينها معالجة أوضاع الصحة ولا تصحيحها. وحين تفاقمت أوضاع الصحة بالمحافظة من سيئ إلى أسوأ، خصوصا المستشفى العام، وصل الأمر إلى مجلس النواب الذي وجه بدوره بتشكيل لجنة لتفقد الوضع الصحي، وقامت اللجنة التي ترأسها رجل الأعمال عبده علي العودي عضو لجنة الصحة في البرلمان، بزيارة مكتب الصحة والمستشفى الحكومي، ولأن الوضع الذي اطلعت عليه اللجنة البرلمانية لم يكن على ما يرام، فإن رئيس اللجنة الذي ينتمي للمحافظة ذاتها ويستثمر في المجال الطبي، بادر بتقديم معونة تتمثل بمبالغ مالية وعدد من الأجهزة والمعدات الطبية والأدوية الضرورية، في محاولة منه لانتشال وضع المستشفى.
وقال العودي في حديثه لـ"النداء" إن الوضع الصحي في المحافظة يتطلب تضافر جميع الجهود، مؤكدا أنه يتواصل مع الجهات المعنية لأجل تقديم خدمات صحية أفضل، وقال إنه تحمل تكاليف ترميم غرف العناية المركزة إلى جانب توفير الأجهزة اللازمة ومبالغ مالية تقدر ب11 مليون ريال.
إدارة الصحة وقتها ثمنت تلك المبادرة ووعدت بعمل اللازم لأجل تحسين أوضاع الصحة في محافظة يقول مواطنوها إن آخر ما يمكن أن تفكر به السلطة المحلية هو صحة المواطن.
***
نقص الكادر وتناقص الإمكانات
قال لـ"النداء" طبيب في مستشفى النصر الحكومي إن معظم الكوادر الصحية جرى استبعادها إما من خلال التوزيع على مناطق خارج المحافظة أو "التطفيش" وإجبار البعض على ترك العمل وإلحاقهم بشريحة "خليك في البيت"، وهو إجراء شاع استخدامه في المحافظات الجنوبية، وجرى تجريبه على كثير من الكوادر المدنية والعسكرية في تلك المحافظات كجزء من استحقاقات النصر وفق رؤية غير معلنة.
تتمثل أبرز أشكال تدني الخدمات الصحية في عدم توفر الأجهزة والمعدات اللازمة، إضافة لنقص في الكادر البشري، وهو ما جعل الضالع مدينة غير مضياف لاستقبال الحالات الطارئة، حيث يضطر المريض للسفر إلى عدن أو صنعاء متجشما عناء السفر لساعات قبل الوصول إلى مبتغاه، وفي حالات كثيرة تزهق أرواح بسبب بعد المسافة التي يقضيها المرضى طلبا للدواء والمعالجة التي افتقدوها في الضالع، ناهيك عما يعانيه المواطنون في المستشفى الحكومي الوحيد، حيث يتعين على نزلائه البحث عن حاجتهم من الدواء خارج المستشفى الذي يشكو العاملون فيه من عدم توفر أبسط الأدوية.
وأفادت "النداء" مصادر في المستشفى بأنه في الآونة الأخيرة تم تزويد المستشفى بجهاز حديث للفحص غير أنه لا يزال خارج نطاق الخدمة لعدم وجود كادر فني مدرب يجيد التعامل معه، لذا سيظل الجهاز كما هو دون فائدة وفقا لتلك المصادر.
يقول تقرير لجنة المجلس المحلي إن المستشفى يعاني من الإهمال الناجم عن نقل كوادره وتقليص موازنته والاستيلاء على مرافقه السكنية. وأضاف أن اللجنة وجدت بعض الأقسام والعيادات شكلية وغير عاملة باستثناء عيادة الجراحة وعيادة معاينة الجهاز المناوب وعيادة الأطفال، بينما اعتبر عيادة الأسنان شكلية لأنها بغير وسائل، كما وصف قسم الإنعاش بالمعطل.
وعن القوة العاملة في المستشفى ذكر التقرير أنه عند الاطلاع على حافظة الدوام الرسمي للمستشفى وجد فيها 156 طبيبا وممرضا وفنيا وعاملا، بينما يضم كشف الراتب 184 موظفا، منهم 19 إداريا، 11 طبيبا اختصاصيا (جراحة وأطفال وأسنان)، 11 طبيبا عاما، و10 مساعدي طبيب، 3 أطباء وفنيي صيدلة، 10 أشعة، 4 مختبرات، 6 فنيي مختبر، 1 كيمياء حيوية، 1 تخدير، 11 فني عمليات وتخدير، 2 مساعد وفني أسنان 5 تمريض مهني، 35 ممرضا عمليا، 6 قبالة ومشرف قبالة، 6 مرشدات، 5 ما بين مجاز أو متقاعد، و4 مساعدي طبيب، إضافة إلى 3 اختصاصيين في الأنف والأذن والحنجرة والعيون والقلب.
في ما يتعلق بالكوادر الطبية يقول تقرير لجنة الخدمات في محلي المحافظة، إنه عند نزول اللجنة إلى مكتب الصحة بالمحافظة كان يوجد فيه 2 من الموظفين إلى جانب الحارس وحافظة الدوام التي تحتوي 36 اسما يوقع فيها 25 اسما، بينما إجمالي الموظفين في مكتب الصحة 133 موظفا وفقا لتقرير المكتب ذاته، لذي قدمه لمحلي المحافظة في وقت سابق (أواخر العام 2008).
مرافق صحية كان الأولى الاستفادة منها لكنها صارت بين عشية وضحاها في قبضة أشخاص حولوها لسكن خاص بهم، لا لشيء إلا لكونهم يعملون في الصحة ويحظون برعاية نافذين.
وإزاء ذلك ترى إدارة المستشفى أنه "مؤخرا بدأ يشهد تطوراً ملموساً وتحسنا كبيراً طرأ على الخدمات الطبية والتمريضية التي يقدمها للمرضى الوافدين إليه، رغم بعض النواقص التي تعيق العمل في بعض الأقسام مثل غياب بعض الأجهزة والمعدات الطبية الهامة التي لم تصلنا من وزارة الصحة منذ عام 2006 حتى اليوم، ومنها ملحقات الأسرّة وبعض أجهزة اللترسون الحديثة وجهاز (E.C.G) الخاص بقسم الحوادث، إلى جانب بنك الدم والمختبر الزراعي وثلاجة الموتى" كما يقول د. علي مثنى محمد مدير المستشفى.
مسؤول في المستشفى كشف عن وجود أكثر من معضلة يقول إنها تقف حجر عثرة في طريق تطور وازدهار المستشفى في أكثر من جانب، سواء في افتقار المستشفى للعديد من الأجهزة والمعدات الطبية الضرورية، أو ما يتعلق بالنقص في الكادر الوظيفي في بعض أقسام المستشفى، وخصوصاً في قسمي النساء والأطفال.
ويرى مختصون أن المستشفى بحاجة ماسة إلى تواجد بعثة طبية دائمة، مؤكدين أن محافظة الضالع هي الوحيدة التي لا يتواجد فيها بعثات طبية، في حين وصل عدد البعثات الأجنبية في بعض المحافظات إلى أكثر من 3 بعثات، كما تتواجد مثل هذه البعثات حتى على مستوى بعض المديريات باستثناء محافظة الضالع.