الحكومات الفاشلة

هل بات من الضروري علينا في هذا البلد المتوجع، أن نرى بين فترة وأخرى حصول التغيير للحكومة، مع أن البلد كما هو معروف منهك اقتصاديًا، وأصبح أبناؤه على حافة الفقر، وليس هناك ما يدعو للتفاؤل ورفع المعنويات مع هذه التغييرات التي أثبتت فشلها منذ أمد بعيد؟

علينا أن نعرف، بل إننا نعرف ذلك جيدًا، أننا صرنا مثل ورقة في مهب الريح تتقاذفنا أمواج الطامعين الجدد الذين يزدادون كثرة وشهوانية وشراهة، بل رغبة كبيرة منهم لإنهاكنا أكثر وأكثر، فوق ما بنا من إنهاك وتعب، حتى يتسنى لهم تنفيذ ما يريدون تنفيذه، وما يريدون تنفيذه بدأت معالمه ظاهرة للقاصي والداني.
فلم تمر فترة حتى نرى هذه التغييرات المتكررة والفاشلة للحكومة، والتي لم تلبِّ تطلعات وأحلام الناس.

فمن ينظر لكل التغييرات التي مرت علينا على كثرتها ابتداءً ببن دغر وانتهاءً بمعين، هذا الأخير الذي عولنا عليه كثيرًا، وقلنا يومها إنه سيكون لنا معينًا، وبه من الرأفة والرحمة الشيء الكثير، لكنه للأسف طلع خلاف توقعاتنا وتطلعاتنا، وما تغييره وتغيير من سبقه إلا خير شاهد على ذلك.

الأمس، تم تعيين الدكتور أحمد عوض بن مبارك رئيسًا للحكومة.

بن مبارك يمتلك مؤهلات ومقومات كثيرة، لكنه انغمس حتى رأسه في الفساد الحاصل في البلاد، ولا نستبعد فشله كمن سبقه من قبل.

بن مبارك يعرف كل صغيرة وكبيرة تدار في البلد، ويعرف أن الفساد هو المستحكم في كل شيء.
من هنا كان يفترض به رفض المنصب أصلًا حتى يبعد الشبهات عنه.

فكيف يرضى أن يكون شريكًا في الفساد الحاصل والقادم، هذا إن كان يريد النجاة بنفسه، إلا إذا...؟!
ولكنه قبل المنصب، ليس على مضض كما قد يصوره البعض، بل نجزم القول بشيء من الفرح الكبير وكأنه حقق مبتغاه وحلمه الكبير الذي يسعى لتحقيقه، ولتذهب أماني وأحلام الناس البسطاء للجحيم، فهو لن يكون أفضل ممن سبقوه بشيء، والأيام بيننا لتبيين ذلك.

ونختم قولنا بشيء من الشعر المعبر، بل المعني بما نحن فيه مع هذه التغييرات الحكومية غير المنفعة لأحد بقدر ما هي منفعة للفساد وأهله، وهو بيت شعري للشاعر الكبير سالم بن عمرو العرابي، الملقب العكر، إذ يقول في هذا الشأن:
"راح صومالي وجا صاحبه يشفط مقر١
ونت يالبدوي جلس لما تجيك الضريبه٢
وكل واحد قال هذا لباني
ومن صومال يا صاحبي لصومال"
هذا هو واقعنا مع هذه الحكومات الفاشلة والمتصارعة مع بعضها على تمكين أنفسهم، غير مكترثين بأبناء البلد وأوجاعهم الجمة، ولم يكذب الشاعر حين دقق الوصف بقوله: "ومن صومال يا صاحبي لصومال".
للمعلومة: 1 مقر هي شجرة اللبان، 2 الضريبة الجباية التي يأخذها ملاك أشجار اللبان.