217 يومًا من الصمود البطولي.. دولة الاحتلال بين مأزقي فشل العدوان والخروج بماء الوجه

من الواضح أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لا تريد إنهاء عدوانها وحربها الانتقامية على غزة، لأن نهاية الحرب نهاية لحياة نتنياهو السياسية ومحاسبته على تقصيره في 7 أكتوبر في حماية أمن دولة الاحتلال ومحاكمته بتهم الفساد، فهو لا يدافع عن الكيان الصهيوني، وإنما يدافع عن كرسي السلطة.

لقد تابعنا عن كثب هذا الأسبوع كما تابع العالم مبادرة حماس والمفاوضات الماراثونية غير المباشرة في القاهرة بين حماس ودولة الاحتلال بوساطة مصر وقطر لوقف حرب الإبادة وانسحاب إسرائيل من غزة والإطلاق المتبادل والمتزامن للمقاومين الفلسطينيين في سجون الاحتلال والمختطفين الإسرائيليين الذين قضى بعضهم بالقصف الإسرائيلي ضد المدنيين الذي لم يميز بين طفل وامرأة وشيخ وشاب لم يحمل السلاح في حياته.

العالم كله ينتظر نهاية لهذه الحرب، حرب الطرف الواحد، الحرب غير المتكافئة، غير المسبوقة في إجرامها باستهدافها للمدنيين والمساكن وكل ما يتصل بالحياة الطبيعية المدنية التي أبت إسرائيل إلا أن تحولها إلى عذاب وجحيم وجوع ومجاعة وأمراض وتهجير قسري متكرر وكارثة لم يشهد لها التاريخ مثيلًا في تاريخ الحروب والشعوب، ونوم في الخيام لسبعة أشهر بدون أدنى مقومات الحياة.

إسرائيل تتعمد ارتكاب كل جرائم الحرب وانتهاك قوانينها بذريعة تصفية المقاومة الفلسطينية المشروعة التي تدافع عن أرضها المغتصبة ومقدسات الأمة العربية والإسلامية الصامتة.

إن اليمين المجنون المتطرف الصهيوني الفاشي الحاكم في إسرائيل، يرى أن فرصته في تصفية القضية الفلسطينية لن تتكرر، ولهذا السبب لا يصغي لنصائح ومطالب أحد بوقف الحرب، ومن هؤلاء بعض حلفائه ومنظمات دولية بعضها على تماس يومي مع ما تنتجه الحرب من دمار وكوارث ومعاناة. هذه المعاناة والقتل اليومي دفعت للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي -الإسرائيلي طلاب وشباب الدول الحليفة لدولة الاحتلال للانتفاض ضد إسرائيل وضد سياسات دولهم المنحازة إليها. هؤلاء لم يعودوا يكتفون بالمطالبة بالحرية لفلسطين، واستنكار العدوان، بل ارتفع سقف مطالبهم لوقف دعم إسرائيل من أموال دافعي الضرائب وسحب استثمارات الجامعات في الشركات التي تدعم إسرائيل ووقف التعاون العلمي والبحثي مع الجامعات الإسرائيلية. إنها بالفعل ثورة ضد الحرب العدوانية وضد الاحتلال واستمراره.

إسرائيل رغم سوداوية صورتها في العالم الذي يشاهد أولًا بأول مدى الدمار والمآسي الإنسانية للعدوان، لا تصغي ولا تهتم لهذه الاحتجاجات طالما أن المؤسسات الحاكمة الخاضعة للنفوذ والمال الصهيونيين تقف مؤيدة لها وتمدها بالسلاح وتحميها في المنظمات الدولية، ونأمل أن هذا الرهان في طريقه إلى التلاشي تدريجيًا.

في المقابل يستمر معظم العرب في صمتهم وتجاهلهم للخطر التوسعي الصهيوني، ويكتفون بالدعاء بالنصر لفلسطين ومقاومتها، وعمليًا لا يحركون ساكنًا، ولا يتحركون من أمام شاشات التلفاز. كان الغرب يحسب حسابه لغضب الشارع العربي وقوته الضاغطة على الحكومات لتبني سياسات ليست في مصلحتها أو لمقاومة سياساتها في المنطقة، وعندما حان أوان التضامن الأهم مع فلسطين وجنوب لبنان المقاوم خذلهم كل العرب شبانًا وشيبانًا، نخبًا معارضة وحاكمة، أحزابًا تقدمية ومحافظة، رجال أعمال ورجال دين، طلابًا وعمالًا وفلاحين الخ...

متى يستيقظ الضمير العربي في المشرق والمغرب العربي لفعل جاد يدرأ عنهم الخطر الإسرائيلي القادم الذي لا تؤجل حدوثه سوى المقاومة الفلسطينية، وقد يصبح خطرًا حيًا بهزيمتها لا سمح الله، وحينها لا يلومن كل إلا نفسه.
النصر للمقاومة ولأمتنا العربية، والخلود لشهداء المقاومة في غزة والضفة وجنوب لبنان.