التغيير في الوجوه أم في السياسات ايضا؟

تجري في العاصمة السعودية الرياض، هذه الأيام، المشاورات بشأن تشكيل حكومة يمنية جديدة، أو تغير رئيس الحكومة مع تعديل في بعض الحقائب، كما يتناهى إلينا من أخبار من هنا وهناك، والأفضل هو أن يحدث تغيير شامل في الحكومة من رأسها إلى ساسها، لأنه ما عاد ينفع التدوير والترقيع مع حكومة فاشلة بامتياز بكل من فيها، فرطت بالسيادة الوطنية من خلال اتفاقيات مشبوهة وباطلة، أفسدت بشكل غير مسبوق حتى تمكنت من تحويل حياة الناس إلى جحيم اقتصاديًا ومعيشيًا وخدميًا وأمنيًا، في العاصمة عدن وباقي المدن والمحافظات المحررة.

إذن، ماذا تبقى يمكن فعله لتدارك الوضع الخطير والمنهار؟ هناك إمكانية طبعًا للتصحيح والإصلاح، وهناك مطالب شعبية بذلك، ومن خلال تجربتنا المتواضعة في التيار الوطني للتصحيح والبناء، خلال الأشهر الماضية، تصلنا كل يوم رسائل الناس من مختلف شرائح المجتمع، ومن مختلف المحافظات اليمنية، حتى تلك التي تقع تحت سيطرة جماعة الحوثي، يطالبون بتصحيح الأوضاع، ويطالبون بتكثيف الجهود من أجل تحويل مشروع التصحيح إلى قضية رأي عام، وقضية تهم الناس كلهم داخل مؤسسات الدولة وخارجها، كثير من رسائل التأييد والدعم وصلتنا أيضًا من داخل مؤسسات الدولة، من مسؤولين وقيادات وموظفين، يباركون مشروع التصحيح، ويتمنون له النجاح، ويؤكدون وقوفهم إلى جانبه. إذن الناس مع التغيير والتصحيح والبناء، واستعادة ما تبقى من الدولة المخطوفة، وتحقيق السلام، فلماذا يقف البعض ضد هذه التطلعات؟ وإلى متى سيتم كبتها، قبل أن تنفجر في وجوه الجميع؟
ومن هنا لا بد من التأكيد أن التغيير في الوجوه وحده لا يكفي، ولن يكون له جدوى على الإطلاق، المطلوب التغيير في السياسات أيضًا، وخلق مناخ إيجابي للتصحيح والإصلاحات في مؤسسات الدولة المختلفة.

إن استمرار نفس اللعبة وعمليات التكرار في التقاسم والمحاصصة، والذهاب لاغتنام المال العام، وتدمير ما تبقى من بلد ومؤسسات، مسألة خطيرة لن تقود إلا إلى انفجار كبير لن يسلم منه أحد، والأصلح هو إشراك الجميع طبعًا، ولكن مع أن تبدأ خطوات التصحيح من الداخل، تبدأ بمكافحة الفساد والاختلالات، وتفعيل دور الوزارات والمؤسسات للقيام بوظائفها ودورها الوطني في خدمة الناس والبلد حسب القانون، وإعادة ترتيب واستثمار موارد الدولة في خدمة مشروع التصحيح والإصلاحات، وتحسين واستمرار دفع مرتبات الموظفين، وتحسين مستوى الخدمات، لا سيما وأنه لم يتبقَّ أمامنا سوى أشهر قليلة على دخول فصل الصيف في عدن والمدن المجاورة، وإعادة تشغيل المؤسسات المتوقفة كمصافي عدن، وتنشيط وتفعيل دور ميناء ومطار عدن بشكل أفضل ومجدٍ، كل هذه المشاريع والخطوات لا تحتاج لمعجزات، وإنما لإرادة صادقة وشجاعة، تستطيع أن تقنع الجميع بهذا المشروع، وتجلب الدعم له من الداخل، ومن الخارج أيضًا، في ما يتعلق بالتحالف العربي والمجتمع الدولي.

كان الأهم أيضًا أن تعود القيادة إلى العاصمة عدن، وتعلن الحكومة الجديدة منها، وتؤدي اليمين الدستورية فيها، كان هذا سيكون أفضل بكثير من البقاء في الخارج وإعلان تشكيل حكومة يمنية من خارج حدودها، وأخيرًا نتمنى أن نرى وجوهًا جديدة في الحكومة نزيهة ووطنية وقادرة على العمل والإنتاج، ونرى أيضًا مكونات وتيارات جديدة تشارك في الحكومة، خصوصًا الفاعلة منها، والقريبة من الناس وتطلعاتهم، والله ولي الهداية والتوفيق.