وحدة لتلقي البلاغات عن ضحايا الاختفاء القسري

عقدت لجنة متابعة قضايا الاختفاء القسري المنبثقة عن الندوة الوطنية الاولى لقضايا الاختفاء القسري التي نظمها منتدى الشقائق العربي لحقوق الانسان والمركز الدولي للعدالة الانتقالية وصحيفة النداء في 18 يونيو 2008 بصنعاء، اجتماعها الاول في مقر منتدى الشقائق، الأحد الماضي. وتم في الاجتماع اختيار منتدى الشقائق منسقاً للجنة.
وقررت اللجنة العمل بشكل أساسي على مساعدة ضحايا الاختفاء القسري "الأسر" على تنظيم أنفسهم. علاوة على القيام بحملة إعلامية للتوعية والتحسيس بمشاكل الاختفاء القسري، وتشكيل وحدة معلومات وتلقي بلاغات، وكذا مساعدة الضحايا على تحريك الدعوى القانونية عن طريق هيئة دفاع تتولى متابعة المسار القانوني للقضية.
وتقرر إن يكون مقر وحدة المعلومات وتلقي البلاغات في مقر منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان، حيث يمكن تلقي الشكاوى والبلاغات عن ضحايا الاختفاء القسري عبر الايميل أو الفاكس +9671212432
العدالة الانتقالية والاختفاء القسري (الصلة، الآليات، المفاهيم)

ماجد المذحجي(1)
maged
ستعتني ورقة العمل هذه بتقديم شرح وتعريف بأهم مضامين الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري، علاوة على تضمنها شروحات موجزة وتوضيحية لمفاهيم وآليات العدالة الانتقالية وصلتها ب الاختفاء القسري، باعتبارها مجموعة من الآليات والمفاهيم تنتظم مع بعضها لتشكل خبرة حقوقية متطورة ستساعد حتمياً في معالجة جرائم الاختفاء القسري، علاوة على كونها بالطبع تضمن معالجة إرث الانتهاكات الواسع لحقوق الانسان في أي بلد رزح لفترة تحت وطأتها، وكونها تساعد بشكل وثيق على تقوية الانتقال السياسي نحو الديمقراطية وتعمل على مصالحة المجتمع مع الدولة، وتعويض وإنصاف الضحايا مع إعادة إدماجهم في المجتمع ضمن سياق من العدالة والمحاسبة وبناء الثقة. وستتضمن ورقة العمل تكثيفاً توضيحياً وانتقائياً لمجموعة من المفاهيم والآليات التي تعمل بواسطتها العدالة الانتقالية، بشكل يجعل منها مفهومة ويقربها للذهن.
ويمكن التأكيد تماماً، وكما ستوضحه ورقة العمل هذه، أن العدالة الانتقالية تستطيع توفير إطار عمل فعال لمعالجة ملف الاختفاء القسري في اليمن، بإدماج هذا الملف في معالجة وطنية شاملة وجادة للارث الواسع من انتهاكات حقوق الانسان على المستوى الوطني، خصوصاً ان هذا الارث يعطل التحولات الديمقراطية الضعيفة في اليمن، ويخلق انعدام ثقة بين المواطنين والدولة، علاوة على كونه يظل سبباً أساسياً لاستمرار التوترات في المجتمع.
ويستدعي تعزيز التحول الديمقراطي الضعيف في اليمن، وإنجاز مصالحة وطنية حقيقية، وتجاوز كل الاشكاليات المتعلقة بحقوق الانسان، وعلى رأسها ملف الاختفاء القسري، بشكل نهائي، قراراً سياسياً جاداً من قبل الدولة بمعالجة وحل كامل قضايا الانتهاكات لحقوق الانسان في اليمن ضمن سياق من العدالة والمحاسبة والانصاف وبناء الثقة.
 
الاتفاقية الدولية للاختفاء القسري(2):
بدأ شيوع وتداول مفردة "الاختفاء" بشكل واسع من قبل المنظمات الحقوقية ووسائل الاعلام في أمريكا اللاتينية منذ عام 1974، وتوسع تداول المفردة في مختلف أنحاء العالم بعد ذلك. وفي العام 1978 أصدرت الامم المتحدة أول قرار لها بخصوص الاختفاء القسري، عقب ذلك تم تجاهل الاختفاء القسري في الآليات والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان لفترة طويلة استمرت حتى عام 1992 حيث تم تبني الإعلان المتعلق بحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري. واستغرق الامر بعد ذلك 14 سنة حتى اعتمدت الامم المتحدة الاتفاقية الدولية لحماية جميع الاشخاص من الاختفاء القسري، ويأتي امتياز هذه الاتفاقية من أنها أول معاهدة عالمية تعرّف الاختفاء القسري وتحظره، حيث يشير التعريف باختصار إلى أن الاختفاء القسري هو أي اختطاف أو حرمان من الحرية تنفذه سلطات الدولة، او مجموعات من الافراد يتصرفون بدعم او إذن منها، على شخص ويتبعه رفض وحرمان السلطات لحريته ورفضها الكشف عن مكان وجود الشخص أو مصيره، بما يحرمه من حماية القانون.
في مستوى آخر يُمكن الاشارة أيضاً إلى عدد من الامتيازات في اتفاقية الاختفاء القسري، مثل كونها تلزم الدول بإحالة مرتكبي جريمة الاختفاء القسري للعدالة، وتؤكد على منع إفلاتهم من تحت طائلتها. كما تتضمن أيضاً عدداً من الضمانات الاجرائية التي تحاول الحيلولة دون وقوع الاختفاء القسري مثل الإبقاء على كل شخص محروم من حريته في مكان رسمي، وتقييده في سجل، وتسجيل كل تنقلاته. علاوة على نصها بضرورة أن يكون المحروم من حريته على صلة بالعالم الخارجي، وأن يكون خاصة على اتصال بعائلته ومحاميه. كما أن هذه الاتفاقية هي الاولى عالمياً التي وسعت مفهوم ضحايا الاختفاء القسري فلم يعد مقتصراً على ضحايا الاختفاء القسري فقط بل شمل عائلاتهم أيضاً، واعترفت أيضاً بحق عائلات المختفين قسرياً بمعرفة مصير أقربائها، وحق ضحايا الاختفاء القسري في التعويض عن الضرر الذي حدث لهم.
وتضمنت الاتفاقية آلية تنفيذ ومتابعة مهمة لها، حيث نصت على تشكيل لجنة دولية مكونة من 10 خبراء مستقلين يعملون على رصد مدى الامتثال للاتفاقية، ويفترض أيضاً أن تتلقى اللجنة تقارير من الدول عما قامت به تدابير تعكس الالتزام بتنفيذ مضامين الاتفاقية على المستوى الوطني خلال عامين من بدء نفاذ الاتفاقية بالنسبة للدولة المعنية، وفي حال وصل اللجنة أي "معلومات جديرة بالتصديق" بأن الدولة الطرف في الاتفاقية ترتكب انتهاكاً جسيماً لأحكام الاتفاقية فيجوز للجنة ان تطلب من أحد أعضائها او أكثر القيام بزيارة وإفادة اللجنة عن النتائج بدون تأخير. وتمتلك هذه اللجنة الحق أيضاً بتلقي الشكاوى الفردية، وهو شيء مهم كونه يمنح المتضررين حق الرجوع إليها، وهو ما يمنحهم فرصة للحصول على الانصاف عبر لجنة الخبراء طالما تعذر ذلك في إطار الدولة، خصوصاً إذا كانت الشكوى موثقة حيث يحق للجنة حينها مطالبة الدولة بالبحث عن الشخص المختفي وتحديد مكانه، ولكن هذا الحق يتم تقييده إذا لم توافق الدولة المصادقة على الاتفاقية على الاعتراف بحق اللجنة في تلقي شكاوى من الأفراد الواقعين تحت ولايتها!
 
لماذا العدالة الانتقالية صالحة
 لمعالجة الاختفاء القسري:
يرتبط إنجاز التطور الديمقراطي في جزء أساسي منه بتمكين المجتمع من التصالح مع ماضيه القمعي ومعرفته والتعامل معه لتجاوزه، فدون ذلك يبقى إرث انتهاكات حقوق الانسان وشبح ضحايا المراحل السابقة مُعطلا لهذا الانتقال السياسي نحو الديمقراطية، ولاجل تحقيق كل ذلك لابد من إنجاز تدابير واسعة من أجل التعامل مع جرائم الماضي ومنع الجرائم والانتهاكات مستقبلاً، وتأتي نظرية العدالة الانتقالية لتساعد أي مجتمع يضغط عليه إرث ثقيل من القمع السياسي والامني، الذي تضمن انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، على تنمية مجموعة واسعة من الإجراءات لمواجهة هذا الارث والتعامل معه، وفي ذلك فإن مفهوم العدالة الانتقالية يتضمن العدالة الجنائية، وعدالة إصلاح الضرر، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، علاوة على أنها ترتكز على تصور بأن المحاسبة على الانتهاكات السابقة يجب ألا تتكرر مستقبلاً. كما أنها تستهدف أيضاً منع الافلات من العقاب من قبل الذين مارسوا انتهاكات واسعة لحقوق الانسان، وذلك بغرض إرساء المصالحة.
وفي كل ذلك تماماً يتصل الاختفاء القسري بالعدالة الانتقالية ضمن الاطار الواسع الذي تعالجه العدالة الانتقالية من إرث انتهاكات حقوق الانسان في بلد ما، حيث يعتبر الاختفاء القسري من الجرائم ذات الاثر المستمر والتي لاينحصر فيها الضحية بالمختفين قسرياً فقط، بل يشمل مفهوم ضحايا الاختفاء القسري عائلات الضحايا أيضاً وفق ما قررته الاتفاقية الدولية الخاصة بالاختفاء القسري، وباعتبار العدالة الانتقالية منهج عمل يرتكز على الضحايا ويقوم بتقديم المساعدة لهم بشكل يضمن العدالة والانصاف، فآلياتها تعتبر مهمة وملائمة لتحقيق العدالة لضحايا الاختفاء القسري وعائلاتهم.
إن العدالة الانتقالية وثيقة الصلة بالاختفاء القسري، والآليات والتدابير التي تلجأ إليها لمعالجة جرائم الماضي ومنع تكرارها، ومنع الافلات من العقاب لمرتكبي الانتهاكات، علاوة على سعيها لبناء المصالحة وتعزيز الثقة بين المواطنين والدولة على أساس يضمن العدالة والانصاف للضحايا، ستضمن إطاراً فعالاً من المعالجة لقضية الاختفاء القسري، وخصوصاً أن من ضمن آلياتها الأساسية المحاكمات ولجان التحقيق وجبر الضرر، وهي أشكال معالجة فعالة لحالات القسري وفق ما كشفت عنه خبرة العمل بها في قضايا الاختفاء القسري الواسعة في عدد من البلدان مثل المغرب، وجنوب أفريقيا، وغيرهما.
 
آليات العدالة الانتقالية في مواجهة
الانتهاكات وجرائم الاختفاء القسري:
لكي تنجز العدالة الانتقالية وظائفها المختلفة، فهي ترتكز على عدد من الآليات لمواجهة انتهاكات حقوق الانسان السابقة وعلى رأسها الاختفاء القسري:
1 - المحاكمات (سواء المدنية أو الجنائية، الوطنية أو الدولية، المحلية أو الخارجية).
2 - البحث عن الحقيقة وتقصي الحقائق (سواء من خلال تحقيقات رسمية وطنية مثل لجان الحقيقة التي تستهدف الكشف مثلاً عن مصير ضحايا الاختفاء القسري، أو لجان التحقيق الدولية او آليات الأمم المتحدة أو جهود المنظمات غير الحكومية).
3 - التعويض (سواء من خلال التعويض الرمزي أو العيني أو إعادة التأهيل).
4 - الاصلاح المؤسسي (بما في ذلك الاصلاحات القانونية والمؤسسية وإزاحة مرتكبي الافعال من المناصب العامة وإقامة تدريبات حول حقوق الانسان للموظفين العموميين).
5 - إقامة النصب التذكارية وإحياء "الذاكرة الجماعية".
ويُمكن الاشارة والتأكيد هنا على أن هذه الآليات المذكورة أعلاه، والتي تعتمدها العدالة الانتقالية كوسيلة لتحقيق أهدافها، ستضمن بشكل رئيسي تحقيق العدالة والانصاف لضحايا الاختفاء القسري، فالمحاكمات تعيد ثقتهم بالدولة وتضمن مصالحتهم معها، خصوصاً حين تقوم بمحاسبة القائمين على جرائم الاختفاء القسري بشكل يضمن عدم إفلاتهم من العدالة. كما أن آلية مثل لجان الحقيقة تستجيب بشكل فعال لمطلب أساسي بالنسبة لعائلات ضحايا الاختفاء القسري، وهو تحديد مكان ومصير أقربائهم المختفين، وتحديد الاسباب والظروف والوقائع التي حدثت في إطارها جرائم الاختفاء القسري. وبالتأكيد فإن التعويض، بأي شكل كان، وإقامة النصب التذكارية وإحياء "الذاكرة الجماعية"، يساعد الضحايا على تجاوز الضرر بشكل نسبي، وتمكنهم من إعادة التكيف مع المجتمع والتصالح معه ومع الدولة، وتوثيق جرائم الاختفاء القسري بما يضمن تعزيز الوعي العام بخطورتها وكارثيتها الانسانية. كما أن اعتماد الإصلاح المؤسسي ضمن آليات العدالة الانتقالية يضمن عدم تكرار الانتهاكات مستقبلاً، وتدريب الموظفين على معايير حقوق الانسان، وعدم عودة مرتكبي انتهاكات حقوق الانسان، والقائمين على جرائم الاختفاء القسري بشكل أخص، وهو ما سيساعد على بناء الثقة في الدولة وتيسير الظروف لتعزيز التحول الديمقراطي والتخلص من إرث انتهاكات حقوق الانسان السابقة وعلى رأسها جرائم الاختفاء القسري.
 
مزايا العدالة الانتقالية بالنسبة
 لضحايا الاختفاء القسري:
إن ميزة العدالة الانتقالية هي من كونها تتعامل بشكل شامل مع إرث الانتهاكات، وتتجاوز مسألة محاسبة من قاموا بالانتهاكات عبر المحاكم مثلاً، لتضمن وضع حد لأي انتهاكات جارية لحقوق الانسان، ومن أهم هذه الانتهاكات جرائم الاختفاء القسري، والتحقيق في الانتهاكات والجرائم وتحديد القائمين عليها ومعاقبتهم ومنح تعويض للضحايا وإعادة بناء العلاقة بين المواطن والدولة بشكل يكفل المصالحة الوطنية والفردية ويمنح فرصة حقيقية للتطور الديمقراطي دون عيوب. وبالتالي فإن العدالة الانتقالية تستوعب في إطار فعاليتها الشاملة معالجة نوعية وجادة لجرائم الاختفاء القسري، علاوة على أن أهم مزاياها يكمن في اعتمادها على "منهج يرتكز على الضحايا"، وبالتالي فإن القيام بوظائفها وتحقيقها يعتمد على دعم الضحايا لها كأسلوب يوفر لهم العدالة والانصاف ويتيح لهم التصالح مع الدولة والمجتمع والمشاركة في تعزيز السلام والديمقراطية، وهو الشأن الذي يحتاجه تماماً ضحايا الاختفاء القسري.
 
حول بعض مفاهيم العدالة الانتقالية(3):
المحاكمات
تعتبر المحاكمات أول فئة كبيرة من آليات العدالة الانتقالية، ويمكن أن تساعد في إعادة الشعور بالثقة بين المواطنين، ومن أهم الأسباب التي تمنحها أهميتها كإحدى الآليات على المستوى الوطني هو كونها تساهم في إرساء رادع على المدى البعيد، علاوة على كونها بالاساس توفر شكلاً من المحاسبة لمرتكبي انتهاكات حقوق الانسان وتمنح العدالة للضحايا، كما تساهم في بناء الثقة بقدرة الدولة وعزمها على إنفاذ القانون.
 
المصالحة
يتردد مفهوم المصالحة ضمن آليات العدالة الانتقالية ولكنه لايتضمن معنى ثابتاً ونهائياً، فمدافعو حقوق الانسان يرفضون تعريفه بـ"طي صفحة الماضي" و"العفو والنسيان"، حيث يؤكدون على أن المصالحة يجب أن ترتبط بالمحاسبة والعدالة والاعتراف بجرائم الماضي. وبشكل عام المصالحة يُمكن ان توصف بكونها عملية مستمرة تتضمن آليات وعناصر متداخلة، بما فيها المحاسبة، وهي تضمن في محصلتها تقوية التحولات السياسية في الديمقراطيات الناشئة من خلال بناء الثقة، ويمكن ان توصف ايضاً بالجهود المبذولة لارساء السلام والثقة الوطنية بين الخصوم القدامى في سياق من العدالة والمحاسبة.
 
لجان الحقيقة
يشير مصطلح لجان الحقيقة إلى هيئات مؤقتة، وتعمل غالباً لمدة سنة او سنتين، وتتم الموافقة عليها، او تأسيسها، او تخويل السلطات لها من طرف الدولة على الاغلب، وهي هيئات قضائية تتمتع بنوع من الاستقلال القانوني، ويتم تشكيلها غالباً في مراحل الانتقال السياسي، سواء من الحرب إلى السلم او من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، وهي تركز على الماضي، وتحقق في انتهاكات حقوق الانسان في فترة محددة من الزمن، وليس فقط حول حدث محدد، وهي تعطي الاولوية لحاجات الضحايا والاضرار التي حدثت لهم، وتنهي في أغلب الأحيان عملها بتقديم تقرير نهائي يتضمن الاستنتاجات والتوصيات.
 
تعويض الضحايا "جبر الضرر"
يتصل تعويض الضحايا بحقوق الضحايا التي يجب ان تلتزم بها الحكومة، حيث لم يعد التزامها متعلقاً بالتصدي لانتهاكات حقوق الانسان والقائمين عليها فقط، بل إعداد ظروف ملائمة لتحقيق العدل وصيانة كرامة الضحايا عبر التعويض عن بعض معاناتهم وما لحق بهم من أضرار. ويتضمن مفهوم التعويض في العدالة الانتقالية على أكثر من معنى، بعضها يتعلق بالتعويض المباشر للضحايا عما أصابهم من ضرر أو ما فقدوه من فرص، علاوة على رد الاعتبار باعتباره يدعم الضحايا على المستوى المعنوي، والاسترجاع الذي يتضمن استعادة ما تمت خسارته قدر الممكن. والتعويضات يمكن تحديدها حسب النوع "تعويض مادي، تعويض معنوي" وحسب الفئة المستهدفة "تعويض لافراد، تعويض لمجموعات". ويستهدف التعويض كمجموعة إجراءات، أياً كان نوعه، توفير العدالة للضحايا، وحماية ذكرى الانتهاكات في الذاكرة الجماعية، وبناء شكل من التضامن الاجتماعي مع الضحايا، والاستجابة لمطالبهم برفع عبء الانتهاكات عليهم وتخليصهم من الظلم، علاوة على أن التعويض يعيد بناء ثقة الضحايا بالدولة ويهيئ المناخ للمصالحة. وبالطبع لايمكن تجاوز ان التعويض أصبح بنداً إلزامياً وفق القانون الدولي.
إحياء الذكرى
تتأسس الحاجة لإحياء ذكرى الماضي على أسباب عديدة منها استحضار ذكرى الضحايا او التعرف عليهم، وتعريف الناس بما حدث في الماضي، وزيادة وعي المجتمع، إضافة لتعزيز مروية تاريخية معينة او تعديلها، علاوة على أن إحياء الذكرى بالنسبة للضحايا وعائلاتهم والناجين من الانتهاكات يتيح نوعاً من التكريم لاولئك الذين ماتوا او تمت التضحية بهم. وتساعد عمليات التذكر هذه في تحقيق عدد من أهداف العدالة الانتقالية مثل ضمان عدم تكرر الانتهاكات، والبحث عن الحقيقة، وتشجيع النقاش والحوار العام حول ما حدث في الماضي، والتوثيق التاريخي المناسب، والاستماع لصوت الضحايا، علاوة على كون إحياء الذكرى يعتبر أحد أشكال التعويض وجبر الضرر. ويمكن إحياء الذكرى عن طريق أي حدث او بناء يوظف كوسيلة للتذكر، ويمكن إحياء الذكرى من طرف الدولة عبر بنائها نصباً تذكارياً مثلاً، أو بمبادرة طوعية من الناس الذين قد يبنون جدارية في إطار مجتمعهم المحلي.

* ورقة مقدمة إلى ندوة «الإختفاء القسري» - صنعاء - الاربعاء 18 يونيو

 هوامش:
(1) كاتب وصحفي، ومسؤول الاعلام والشكاوي في منتدى الشقائق العربي لحقوق الانسان – صنعاء/ اليمن
(2) تم الاعتماد في توضيح وشرح الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، على نصها الذي اعتمد ونشر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 ديسمبر 2006.
(3) تم الاعتماد بشكل كامل في تقديم الشروح والتعريفات لبعض مفاهيم واليات العدالة الانتقالية الواردة هنا على دراسات صادرة عن المركز الدولي للعدالة الانتقالية في نيويورك، ويمكن الاطلاع عليها في موقعه.