أنا مش كافر.. !

أنا مش كافر..! - منى صفوان

المخزنون معرضون للانتحار، بحسب مصدر رسمي يؤكد تورط القات وبراءة الحكومة.
 طبعا لا يملك عاقل التورط لتبرير فعل أخرق كالانتحار. ولكنه كعاقل لا يملك أيضا أن يجرم المنتحر خالعا عنه الأسباب والدوافع.
هناك من يؤكد تورط الضعف الإيماني في فعل يكفر صاحبه، لكن هل هو سبب وحيد لا يؤنس وحدته إلا تعاطي القات؟ هل من أسباب أخرى؟
 منظمة يمنية ليست مهتمة كثيرا بالانتحار أحبت أن تجيب على هذا السؤال، ورأت في الوقت ذاته أن تستفيد من تمويل أجنبي مخصص لذلك، وتعمل فيلما تسجيليا يصرح فيه وزير الداخلية السابق رشاد العليمي أنه لا يخزن، بالتالي قد لا يكون معرضا للانتحار. البعض لم يجد في كلام العليمي أي مبرر علمي، كما لم يجد دليلا علميا يقول بعكس ذلك.
 لماذا؟ لأنه ببساطة ربط القات بالانتحار، يعني أن الحكومة "ما لهاش دخلـ". رجل الدفاع والأمن المكلف بحماية المواطنين، لم يحدد نوعية القات الذي قد يكون مؤديا لهذا الفعل الشنيع. حتى أن رجل الدين حمود الهتار جدد انتماءه للاتجاه الفكري الديني الذي يجرم لحظات الانهيار لمواطنين ليسوا مؤمنين كفاية ليستحقوا العيش في بلد كاليمن.
الندوة تحدثت فيها كل الآراء التي يمكن أن تكون حاضرة في قضية كهذه؛ لكن غاب عنها أهم الآراء.
 لم يكن أحد من المنتحرين موجودا، على الأقل جسديا. أولئك الذين ماتوا بصمت وعاشوا بصمت، ما الذي كانوا سيقولونه لو كانوا أوجدوا بطريقة ما، لحكومة لا تعترف أن الانتحار حق إنساني.
 من حقي أن أنهي حياتي متى أردت طالما وأن الحياة لم تعد تعني لي شيئا، ومن يملك الحق أن يكفرني إن انتحرت؟ ومن يملك القدرة أن يشبع جوعي إن عشت؟! ربما هذا ما خطر ببال أحدهم قبل قتل نفسه، وربما هي ذات الفكرة التي تخطر ببال أحدهم الآن!
 في وضع كهذا، الحكومة لا تريد لمواطنيها أن يموتوا، ولا تستطيع أن تقنعهم بأن يعيشوا. ولو ماتوا لن تسامحهم، ولكن لو عاشوا أيضا لن تسامحهم. وقد تتورط هي بقتلهم.
إذاً، كيف لا يمكن أن يضعف إيماني (كمواطن) وأكفر بكل شيء، وفي لحظة ضعف أنهي مأساتي إلى الأبد!! تاركا سؤالا لن يجيب عليه أحد. فكإنسان عادي تسميني حكومتي "مواطن"، فأنا أمام إغراء الضعف أواجهه وحدي، دون من يقوي مواطنتي وإيماني بالحياة هنا.
 ربما كان من انتحروا بطريقتهم المؤذية لأنفسهم فقط يقولون شيئا لم تفلح الحكومة، برجالاتها في الأمن والدين، حتى هذه الندوة على الأقل، في فك طلاسم شيفرته، ونيابة عنهم قال: زياد الرحباني يوما:
"أنا مش كافر.. بس الجوع كافر. أنا مش كافر.. بس الفقر كافر. أنا مش كافر.. بس الظلم كافر...". ربما لن يقنع هذا الكلام من لا يروقه الرحباني.
monasafwanMail